الثلاسيميا بين الحرب والسلام والحلول الممكنة

الثلاسيميا  مرض جيني ينتقل بشكل وراثي عبر جينات الوالدين ،  ينتج عنه انخفاض في عدد  كريات الدم الحمراء نتيجة تكسرها ، ما يتسبب برفع نسبة الحديد في الدم ، الأمر الذي يجعل المريض  بحاجة للعلاج  الدائم وجلسات نقل الدم مدى الحياة.

 

في الثامن من هذا العام وفي كل عام  يحتفي  العالم باليوم العالمي للثلاسيميا للتأكيد على أهمية الفحص قبل الزواج والوقوف من أجل الوقاية والحد من إصابة المزيد من الأطفال بهذا المرض ومساعدة المصابين به للإلتزام بأخذ العلاج, والقيام بالفحوصات الدورية وجلسات نقل الدم في الوقت الصحيح.

يعرف هذا المرض بأنيميا البحر الأبيض المتوسط، إذ أن هذا المرض ينتشر  بشكل كبير في دول حوض البحر المتوسط، ومنذ إكتشاف هذا المرض وحتى اليوم مازالت نسبة انتشاره في الوطن العربي  عموما مرتفعة ، وفي اليمن بشكل خاص ، نتيجة للوضع الصحي المتدهور  وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، خاصة وان المرضى بحاجة دائمة للأدوات اللازمة للتعامل مع المرض وحماية أنفسهم من المضاعفات الناتجة عنه

 

لعل التعايش مع أي مرض أمر مرهق ولكن التعايش مع مرض الثلاسيميا  في الوطن العربي يعد أمرا صعبا للغاية.  ففي اليمن مثلا من الصعب والمؤلم جدا أن  تكون مصابا بمرض الثلاسيميا،  فجميع المرضى يعانون نتيجة عدم توفر العلاج وتأخر جلسات نقل الدم الامر الذي  يهدد حياة المرضى و خاصة أطفال الثلاسيميا . اضافة الى صعوبة تواصلهم مع أطبائهم وتعذر متابعة حالتهم الصحية ما يمثل  تهديدا آخر لهم. فرصة إنقاذ حياتهم قد تكون ممكنة إذا ماتم تزويدهم ببعض الأدوات التي بإمكانها تخفيف معاناتهم ومساعدتهم  في الاستمرار في العلاج رغم مأساوية الظروف المحيطة بهم.

 

 

يطول الحديث عن معاناة مرضى الثلاسيميا ، وصعوبة التعايش معه خاصة وان طبيعة العلاج تتطلب التواجد المتكرر في المستشفيات للخضوع لجسات نقل الدم ، ومايرافقها من حالات الشحوب والتعب الشديد ومضاعفات المرض ، وكذا الظروف المؤثرة على فرصتهم في  الحصول على العلاج . وضع يحرم المصابين من التمتع بحياتهم الطبيعية بل وجعلها تحديا حقيقا ، ويؤثر بشكل كبير على حالتهم النفسية     
ففترة علاج الثلاسيميا تشمل أنواعا مختلفة من الأدوية وطرق العلاج سواء كانت في المنزل أو في المراكز الصحية. حيث  يجب على المريض خلال فترة حياته الالتزام بنظام صحي وغذائي مستمر يبتعد من خلاله عن  تناول بعض الأغذية تجنباً لمنع زيادة نسبة الحديد في الدم وتناول أدوية يومية خاصة بالثلاسيميا  ، إضافة إلى أن العلاج لا يخلو من نقل الدم الشهري أو علاج ال (chelation) الذي يعمل على إزالة تراكم الحديد في الدم. ولأن الثلاسيميا مرض وراثي مزمن  ليس له علاج كامل ينهي معاناة المريض،  كان إلتزام المريض بالعلاج لمنع فقر الدم الحاد والذي يؤدي إلى فشل بعض الوظائف والأعضاء الحيوية في الجسم هو الحل الوحيد للبقاء على قيد الحياة .
كل هذه المخاوف  تسبب عبئا على الطفل وأسرته لمتابعة جلسات العلاج ومواعيد أخذ الدواء والنظام الصحي للمريض ما يفاقم من المعاناة.

 

في ثورة المعلومات وعصر التكنولوجيا  أصبحت إمكانية مساعدة مرضى الثلاسيميا ممكنة. حيث تم أبتكار طرق وأدوات تساعد المرضى على الإلتزام بالعلاج ومواعيد جلسات العلاج المقررة من الطبيب. فعلى سبيل المثال  تطبيقات الهواتف المحمولة التي تذكر المريض بمواعيد تناول الأدوية ونشاطات العلاج، ويستطيع المريض من خلالها تدوين القياسات والأعراض. كذلك يضمن بعضها إمكانية إنشاء تقارير ورسومات بيانية للبيانات المسجلة، يسهل ذلك عملية المتابعة والمراجعة مع الطبيب ويعطي المريض فرصة كبيرة للتحكم بالأعراض وحالته الصحية. وبهذا يستطيع مريض الثلاسيميا إستخدام بعض التطبيقات:
 HYPERLINK "https://play.google.com/store/apps/details?id=eu.smartpatient.mytherapy&hl=en"  HYPERLINK "https://play.google.com/store/apps/details?id=eu.smartpatient.mytherapy&hl=en"الهواتف HYPERLINK "https://play.google.com/store/apps/details?id=eu.smartpatient.mytherapy&hl=en"  HYPERLINK "https://play.google.com/store/apps/details?id=eu.smartpatient.mytherapy&hl=en"المحمولة مثل تطبيق MyTherapyالذي يمكن المريض من تسجيل الأعراض التي يشعر بها، متابعة قياس نسبة الحديد في الدم، والتذكير بمواعيد الدواء التي يجب عليه تناولها على سبيل المثال: دواء الديفريبرون لمرضى الثلاسيميا،  وتسجيل كل هذا بشكل تلقائي في تقرير عن حالتهم الصحية  لمناقشتة مع الطبيب ليتمكن من تحديد حالتهم المرضية بشكل أسهل وإتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على حياتهم وتحديد خطورة مرحلة المرض.
وبين مرض فتاك واوضاع صحية متدهورة وحرب تأتي تلك الحلول كمحاولات لمساعدة المرضى على مقاومة المرض وعيش حياتهم بسلام ،  وتبقى المسؤولية الكبرى على عاتق الحكومات والجمعيات المختصة بالتوعية بأهمية فحص ماقبل الزواج و العمل على توفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة لمرضى الثلاسيميا.