حيث تغيرت الملامح وحتى الساحة في محافظة الجوف لم تعد تتسع لشبان فبراير واحلامهم الصاخبة؛ كأنها تقول لقد تحول المكان إلى شارع وحسب، بعد ان كانت هنا ثورة. ارتفعت من خلالها اصوات اليمنيين كمفتتح للمستقبل المنشود.
ثمانية أعوام مضت، وحتى اليوم لم تتحقق رغبات التغيير والحرية كما يجب، لكنها مليئة بتناقضات وانحسارات الواقع المر، بعد ان تمكن خصوم الثورات في المنطقة من إجهاض الربيع السلمي وإشعال فتيل الحرب في عموم البلاد، وبأدوات الثورة المضادة نفسها كان الانقلاب على الدولة ومحاولة تغييب فعل التغيير وآمال الشعب في الخلاص.
في ذات المكان الذي كانت توجد فيه ساحة التغيير بالجوف وكان المعتصمين في الحادي عشر من فبراير 2011، التاريخ الذي أطل من شرفته المواطنين، على آمال واقع مغاير عنوانه الدولة المدنية، والمواطنة المتساوية- شعارات رفعها المعتصمين الثوار وهتفوا بها بيد أن الأمر لم يكن كذلك، فبعد أربعة أعوام فقط، تحول النضال السلمي الى ثورة مسلحة للدفاع عن الجمهورية وحلم الدولة الذي انقلبت عليه مليشيات الحوثي وحليفها المخلوع آنذاك.
هكذا كان لمسارات التغيير السلمي ان تنحرف، وتختل توازنات القوى، بعد إطاحة مشاريع كثيرة من بينها مشروع التوريث، وما أفضت إليه من حرب جعلت اليمنيين في مهمة الدفاع عن الجمهورية واستعادة الدولة، وبين هذا وذلك يدفع شبان ثورة فبراير ثمن المرحلة باهضاً.
رصاص وحرب، لقد تبدلت الشعارات والهتافات، في الذكرى الثامنة لثورة الحادي عشر من فبراير السلمية، لم تعد الحناجر تنشد سوى الحرب أو الخلاص من جائحة الإنقلاب التي أضاعت خطى اليمنيين نحو الإستقرار وأعادتهم إلى أزمنة الرجعية والتخلف.