هل شاركت السعودية في الانقلاب فعلا

هل شاركت السعودية في الانقلاب فعلا
بقلم 

على إثر مقالي المنشور سابقا تحت عنوان " تعجب!! " تلقيت كثيراً من الرسائل جلها تحمل جمل اعتراضية عن مشاركة السعودية في الانقلاب وبعضها أتت على صيغة سؤال يقول هل فعلا شاركت السعودية في الانقلاب ؟

طرح سؤال بهذا الشكل له ما يبرر وجاهته عند الكثيرين من العوام اوحتى النخب السياسية لاسيما وإن عملية التحول السياسي والانتقال السلمي للسلطة في اليمن بعد ثورة 11/ فبراير 2011/م كانت تجري وفق مرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي وقعا عليها طرفي السلطة والمعارضة في مدينة الرياض وبرعاية السعودية التي بذلت جهود كبيره في سبيل التوقيع عليها.

 

وتاكيداً على ماهو غير معقول للوهلة الاولى لابد من طرح سؤال اخر لا يقل حيرة عن الاول يقول منطقه أيعقل منطقياً ان تقدم السعودية على دعم انقلاب في اليمن يكلفها ثمن كهذا ويصب في مصلحة ايران الدولة التي تناصب السعودية تاريخيا العداء السياسي والمذهبي بشكل حاد ؟

 

في عالم السياسة والصراع غالباً ما تكون الاسئلة كبيرة ومحيرة وغير معقولة ، والسبب في ذلك أن مايجري دائما في دهاليز السياسية وفي كواليسها بين ارباب السياسية وصناع القرار هو مناقشة قضايا اوخيارات او رسم سيناريوهات تبدو غير معقوله او مقبولة ولكن أثنا تنفيذها على الواقع تحمل معطيات تجعل من اللامعقول معقول ومقبول وفق التحليل السياسي الذي يتولى مشقة الاجابة على مثل تلكم الاسئلة المطروحة بكل حيرتها وغرابتها لاسيما عندما يشرع هذا التحليل السياسي والعقلي المحايد في كتابة الاحداث السياسية كمادة تحليلية وموضوعية لكتابة التاريخ الذي يدون للأجيال المتعاقبة .


ربما كان داعي الجهاد المرسوم في دهاليز السياسة والصراع الذي اطلقه برنجنسكي من واشنطن للجهاد الاسلامي في افغانستان بتخطيط ودعم امريكي وتنفيذ مصري سعودي باكستاني هو احد اكبر سيناريو في القرن العشرين والذي بدأ يومها بكونه مخطط أمريكي شيء غير معقول اومقبول للكثيرين ومازال كذلك حتى اليوم عند القليل قياساً على التحول الذي حدث بعد 1990/ م/ حيث تحولت تلك الجماعات الجهادية التي اخترعتها المخابرات الامريكية الى جماعات ارهابية تضرب المصالح الامريكية في دول العالم تحت مسمى الجهاد ، بل وتمكنت في سبتمبر 2001/ من ضرب رمز القوة والاقتصاد والنفوذ الامريكي داخل عمق الاراضي الامريكية التي أذنت في الماضي القريب لهؤلاء المجاهدين بعينهم ودعمتهم بالمال والسلاح للجهاد الاسلامي في جبال افغانستان.

 

بل وادارت مخابراتها معركة الجهاد الاسلامي بدقة شديدة من مكتبها المستحدث في بيشاور على الحدود الافغانية واكثر من ذلك في ترسيخ مفهوم الجهاد وتوضيفه اقترحت المخابرات الامريكية على الجانب السعودي ان يتم تعين أمراء الجهاد في الكعبة حيث كان يفتح باب الكعبة لمن يرشح لأمارت الجهاد ويتم تنصيبه داخل الكعبة امير جهاد ليذهب الى جبال افغانستان بشرف هذا اللقب الذي منح له داخل قدس الاقداس في الكعبة بيت الله الحرم وقبلة الاسلام .

 

والسؤال الذي يوضح بيت القصيد في هذا السياق يقول هل يعقل ان يحدث ذلك من قبل الادارة الامريكية وهل مقبول ان تقدم تلك الادارة على احيا اعلا مراتب الاسلام اقصد الجهاد على الساحة الدولية ؟


لكن ذلك حدث فعلاً ليس حب في الاسلام ولكن كرها في الاتحاد السوفيتي العدو السياسي والايديولوجي في حقبة الحرب الباردة اما التحول الذي حدث بعد 1990/ فهو خارج سياق السيناريو او قل انه عبارة عن نتائج غير متوقعة بمخاطرها لاسيما وان الجهاد تحول الى ارهاب يؤرق البيت الابيض التي اصبحت مضطرة ان تخوض حروب كبيرة وتنفق مليارات الدولارات في سبيل مكافحته حتى اليوم .

 

من يملك عين واحدة يكون غير قادر على رؤية الاحداث بشكل صحيح والسبب في ذلك انه يراها ويقراءها او يحللها بناءً على هذه الرؤية الأحادية ، وقراءة الاحداث المتناقضة في اليمن لا تحتاج لهذا الصنف من القراء الغير قادرين على قراءتها وتحليلها من زواياء مختلفة ، فقراءت المشاركة السعودية في الانقلاب في اليمن يجب ان لا تنطلق من نتائج الانقلاب التي حولت الحركة الحوثية الى قوة حقيقة في الداخل وصبت في مصلحة ايران على مستوى الخارج ، وكليهما خطراً على السعودية فتلك نتائج لم تكن متوقعة للملك عبدالله يومها ، كما كان التدخل العسكري من قبل السعودية والامارات غير متوقع لاطراف الانقلاب في اليمن .

فهمي محمد

فهمي محمد - رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام بإشتراكي تعز