مارتن غريفيث ومهمة ترويض الذئاب

مارتن غريفيث ومهمة ترويض الذئاب
يسعى المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى ربط أي مخرج سياسي للصراع الدائر في اليمن بتفاهمات منفصلة عن المرجيعات الثلاث بين مليشيا رمت بنفسها في حرب شاملة ولم توفر فيها سلاحا عسكريا ولا سياسيا ولم تر لها أفقا أو ضوابط غير سحق اليمنيين وإغراقهم في سيل من الدماء دون أي حساب للربح والخسارة.

الشرعية مرتبطة بشعب على ثقة كبيرة ومطلقة بحقه في التغيير وقدرته على دحر الإنقلاب واستعداده غير المحدود للتضحية بكل ما يملك من أجل الوصول إلى غاياته في الحرية والكرامة والديمقراطية والمواطنة المتساوية.

ما كان من الممكن لمثل تلك المبادرات المشبوهة التي تأخذ بالدرجة الأولى مراعاة مليشيات الحوثي ومصالحها وتراهن على إغرائها لتقديم بعض التنازلات للشعب أن تفضي إلى شيء آخر سوى تشجيع المليشيات على الاستمرار في غيها وإجرامها، ودفع اليمنيين إلى مزيد من التمسك بقضيتهم ومطالبهم العادلة ليس تجاه المليشيات فحسب وإنما تجاه المجتمع الدولي الذي وضع نفسه وصيا على اليمن وحاميا للعدالة في الوقت نفسه.

بين أطراف سياسية يعترف كل منها بالآخر اتفاق الحل السياسي الوسط ممكن على مبدأ لا غالب ولا مغلوب، لكنه مستحيل أن يتحقق بين أطراف لا تعترف ببعضها ولا ترى في خصمها ندا ولا طرفا لديه أي حق.

كما هو واضح من سلوك مليشيات عنصرية نازية كهنوتية وبعد سنوات طويلة من القتل والدمار الذي تمارسه باسم الحق الإلهي المزعوم في الحكم في حق شعب أُمتهنت كرامته وتم الدوس على مكتسباته وتضحياته، وشرعية تم الانقلاب عليها من واجبها دحر الإنقلاب واستعادة مؤسسات الدولة.

كان ثمن الرهان على إمكانية ترويض الذئاب ومصالحة الذئب مع الحمل والجلاد مع الضحية أن الذئب ازداد وحشية وزادت شهوته للقتل والتدمير ولن يتوقف دون إرواء غليله والانتقام لماضيه وحاضره، أو من دون قوة رادعة توقفه عند حده.