عودة أفلاطون

عودة أفلاطون
أفلاطون فرحان ، يدّعي أمام نفسه وأمام الناس أنه فيلسوف ، عصره ، وأن الفليسوف أفلاطون لايساوي شيئاً بالنسبة إليه.

طبعا ً اسمه الحقيقي المكتوب في بطاقة الهوية أحمد فرحان ، ولكنه كان لا يعترف بهذا الأسم ، كان  يعترف فقط بالجلبة التي تحدثها أفكاره المتداخلة ونظرياته الغريبة .

لا أعتقد أن اي واحد منكم سينسى أفلاطون فرحان ،وقصته التي سأسردها هنا ، لأنه ببساطة ، إختزل مأسي الأمة في حياته ، فلقد جاء الي العالم بسرعة ، فلقد ولد قبل موعده بشهرين ،وماتت والدته أثناء ولادته ، ومات والده ، بعد ولادته بشهرين ، أثناء تدافع الحجاج في الأماكن المقدسة ، وفي العام الذي تقدم فيه الي كلية الشرطة ، صدرت قوانين جديدة لا تسمح بدخول وحيد الأسرة الي الكليات العسكرية ، كان أفلاطون يقول عن نفسه  ( أنا كارثة حلت على الأرض عندما ولدت خطفتُ روح أمي وأبي )  ، إلتحق أفلاطون بكلية الأداب قسم الفلسفة ولم يتخرّج منها الي هذه اللحظة ، والفتاة التي قرر الإرتباط بها ، تبين أنها مصابة بسرطان الرئة ،وذات يوم قرر أفلاطون أن يصبح فيلسوفا ً ، فأبتدع نظريات فلسفية شاذة وغريبة ، منها نظرية جدلية الهوية ، ونظرية نقد الذات ، وبسبب نظرية نقد الذات ، قام أستاذ الفلسفة بطرد أفلاطون من قاعة المحاضرات شر طرده ، بعد أن إحتدم النقاش بينهما ، وأعلن أفلاطون راية العصيان والتحدي على أراء أساتذته ، عندما طُرد أفلاطون من الجامعة ، قام بتأسيس صحيفة "قادمون " ، والتي نشر من خلالها أفكاره الفلسفية الغريبة ،
 
ولكن سرعان ما أغلقت المحكمة هذه الصحيفة ، لأن أفلاطون أنشأها من ورث اخوانه واخواته  ، وعندما جهر أفلاطون بأرائه السياسية المعارضة للنظام ، أُ ُلقي به في غياهب السجن لمدة عام ، خرج بعدها ، إنسان جديد كما كان يقول ، وأسس مع بعض رفاق السجن ، جريدة " العربي الجديد " ، التي مولها رجل الأعمال الشيوعي ملحم لينين ، والذي تمكن ببراعة من إستقطاب "أفلاطون" الي التيار الشيوعي ، وأصبح ل"أفلاطون فرحان "عمود يومي في الجريدة بعنوان " قلم أحمر  " هاجم أفلاطون من خلاله ، الجميع ، بلا إستثناء ، حتى انه هاجم ملحم لينين ، ممول الجريدة ، الذي إظطر الي طرده من الجريدة  ومن الحزب.
 
بعدها قرر "أفلاطون" تأسيس حزب جديد ، أطلق عليه اسم " الطريق الي التحرير " ، وانضم اليه في بادئ الأمر بعض رفاقه ، من الحزب الشيوعي ، ثم انضم إليه الكثير من الشباب ، كان شعار حزب أفلاطون " حرية – ديمقراطية – تغيير " ، وفي نفس العمود الذي كان يكتب فيه في جريدة "العربي الجديد " سخر منه ملحم لينين ، رجل الأعمال الشيوعي ، بطريقة أضحكت الناس ، فلقد قال في فقرة من مقاله عن أفلاطون فرحان وحزبه الجديد ( قام الناشط السياسي الأحمق أفلاطون فرحان مؤخرا ً بتأسيس حزب عجيب أطلق عليه أسم " الطريق الي التحرير " وضم الحزب في هيئته التأسيسية نشطاء من التيار الشيوعي والقومي واليساري والإسلامي ، لقد قام أفلاطون  بطبخ "لبن وسمك وتمر هندي " ، وحاله ،مثل حالي ، فأنا شيوعي الفكروالعقيدة ، ولاكنني رجل أعمال رأسمالي ؟؟؟) ، وفي خضم أفراح أفلاطون  بتأسيس حزبه الجديد
 
، وفي إجتماع اللجنة التأسيسية تمت الإطاحة بأفلاطون من قيادة الحزب ، ومن لجانه الرئيسية ، وأظطر أمام هذه الإهانة الكبيرة الي الإستقالة  ، ونكاية ً بأصدقائه الذين أطاحوا به من رئاسة الحزب ، إنضم أفلاطون فرحان الي جماعة الأخوان المسلمين ، وأطلق لحيته ، حتى بلغ طولها عشرون سنتي م ، وأصبح يصلي ويسجد لله في المساجد ، بعد أن كان لا يسجد لأحد مطلقا ً ، وقرر أفلاطون أن يكون له صوتا ً مؤثراً داخل الجماعة  ، فقرر أن يلقي محاضرة أسبوعية ، في الجامع الكبير وسط العاصمة ، وكان عنوان المحاضرة " هل الإسلام دين ودولة ؟" ،
 
وفي نهاية المحاضرة خلص أفلاطون الي أن الإسلام دين ودولة ولاكن في ظل وجود شروط معينة ، اذا لم توجد هذه الشروط ، فيجب فصل الإسلام عن الدولة  ، وأغضب هذا الرأى قيادة الجماعة ومفكريها ، فتم فصل أفلاطون من الجماعة  ، وهاجمته صحفهم ، وأعتبرته يروج للعلمانية ، بأسلوب جديد ، لقد أصبح أفلاطون عدوا ً، لدودا ً ، للنظام ، وللشيوعية ، وللإخوان ، بمعنى آخر أصبح يحارب الجميع ، وضد الجميع ، لم يتمكن اليأس من أفلاطون فرحان ، وطوال شهر كامل  ، ظل يحاور أحد ، رجال الأعمال، حتى أقنعه بالمشاركة في تأسيس تيار جديد ، أطلق عليه أسم "تيارالوطن" ، وتمكن هذه المرة ، من الفوز برئاسة التيار بأغلبية أصوات اللجنة التأسيسية ، والمؤتمر العام الأول  ، وقرر التيار خوض غمار الإنتخابات البرلمانية ، وكانت أول مواجهة للتيار في الشارع ، و بعد إنتهاء المارثون الإنتخابي ، كانت المفاجأة ، المذهلة ، عندما حصد ، تيار الوطن  ، أغلبية مقاعدالبرلمان ، وأصبح "أفلاطون فرحان " ، رئيسا ً للحكومة ، وفي إجتماع له مع أنصاره في مقرالحزب الرئيسي ،قال أفلاطون بصراحته المعهودة ( لم أتوقع أن نحقق هذا الفوز الكاسح
 
، ولم أكن أحلم ذات يوم أن أكون رئيسا ً للحكومة ، ولاكن يبدو ، أن من كانوا قبلنا ، كانوا على درجة كبيرة  من السوء والقبح  ) لم يكمل أفلاطون مراسيم إحتفاله بالنصر ، فقد إغتاله شخص مجهول ، في مقر الحزب الرئيسي  ، هذه بإختصار قصة "أفلاطون فرحان " الذي جاء الي العالم ، قبل موعده ، وأثار جلبة ، وضوضاء ، أثناء حياته ، الحافلة بالإخفاقات والنجاحات، لقد جاء الي الدنيا ، بسرعة ، وغادرها بسرعة أيضا ً.