شرعية الفشل

شرعية الفشل
بقلم 
الحديث عن الشرعية ليس مجرد حديث عن مصطلح قانوني. ولا حتى عن انتخابات. ولكن عن عقد اجتماعي ذو خصائص ضمنية في الغالب. الأب في بيته يصبح بلا شرعية عندما يتخلى عن واجباته.
كذلك الزوج اتجاه زوجته والعكس.
حيث يمكن مقاربة مصطلح الشرعية بطرق كثيرة. القيام بالواجب وامتلاك الأساس الكافي للحفاظ على النتائج المترتبة على ذلك هو أحد أبرز تجليات الشرعية.
 
كثيرون أصبحوا أبطالا وأصحاب حظوة لأنهم قاموا بواجبهم في لحظة حاسمة لكن بسبب غياب الأساس الكافي المتمثل بالرؤية العميقة المبنية على تحليل علمي والمتجسدة على شكل قناعة مبدئية راسخة, فإن هؤلاء سرعان ما فقدوا شرعيتهم حتى مع بقاء استمرارهم في مواقعهم التي وصلوا اليها بفعل تلك الشرعية.
 
الشرعية تتجسد في التاريخ كومضة, في لحظة توق شعبي او في لحظة يأس معمم, وأحيانا حينما تغرق الشعوب في التعب. وعندما يحدث ذلك تبدأ الشرعية تتراكم في الواقع بالصبر والاخلاص لتلك البدايات المشرقة وليس بالتنكر لها او محاولة التبرؤ منها.
 
رمي القلم والمظاهرات التي شارك فيها أمين عام التنظيم الناصري عبدالله نعمان في الأيام الأولى من الانقلاب الحوثي صالحي أكسبته شرعية شعبية, تمظهرت في انتعاش الناصريين الذين كان تنظيمهم قد أدمن التذيل.
 
الشرعية كأي شيء آخر في حقل السياسة, ليست شيكا على بياض وليست محصنة من عوامل التعرية وتقلب أحوال الزمن

 
حدث هذا بمقابل انكسار الاشتراكيين الذين حتى مع انخراطهم في المقاومة ظلوا بلا سند يذكر. بفعل تشوش رؤية قيادة الحزب وعدم قدرتها وربما عدم رغبتها في بناء خط سياسي ونضالي واضح.
عدنان الحمادي امتلك شرعيته من قيامه بواجبه في لحظة يأس. لكن المحبط أنه لم يعد مدركا أن اللحظة لا تزال قائمة ولا مبرر في ان يتوه في معارك جانبية.
 
نعود قليلا للوراء. عبدالله بن حسين الأحمر امتلك شرعية إلى حد ما من مجابهة أسرته لدولة الأئمة. حتى وان كان الأمر مجرد صراع على النفوذ والسلطة فقد وافق ذلك لحظة توق شعبي.
لحظة التوق هذه هي من تصنع شرعية للشخص أو للتنظيم السياسي أو حتى للجيوش والانقلابات العسكرية.
على مستوى التنظيمات السياسية تبدو مسألة الشرعية أعمق.

مثلا لا يزال الحزب الاشتراكي يعيش إلى اليوم بفضل تلك الشرعية التي امتلكها أيام الجبهة القومية, عندما تبلور على يد قادته مشروع الوطنية اليمنية كمشروع سياسي اجتماعي واقتصادي ذو طابع تحرري مناهض لتركة الاستبداد ومخلفات الاستعمار.
 
لكن الشرعية كأي شيء آخر في حقل السياسة, ليست شيكا على بياض وليست محصنة من عوامل التعرية وتقلب أحوال الزمن. لانعاش شجرة الحرية كما قال أحدهم نحتاج ان نرويها من وقت لأخر بدماء الأبطال والمستبدين. الحرية بوصفها المصدر الأساسي للشرعية او لاكتسابها.
لم يحدث ان الأوهام أو المخاوف او الارتهان للخارج كانت في يوم من الأيام مصدرا للشرعية. ربما لشرعية الفشل فقط.
وسام محمد

صحفي يمني