السعودية وممارسة دور إطفائي الحرائق في اليمن

السعودية وممارسة دور إطفائي الحرائق في اليمن
منذ أعلنت السعودية بدء عاصفة الحزم في اليمن، غادرت دبلوماسية السياسة الهادئة التي ميزتها على مدى عقود.

قررت الدخول في مستنقع معركة بدون أهداف واضحة.
كما بدا أنها قررت أيضا اتخاذ اليمن ساحة اختبار لصفقات السلاح الضخمة التي ظلت تعقدها لسنوات مع واشنطن.

لا أحد كان يتصور ان تستمر الغارات الجوية الجحيمية طوال مدة تقارب الآن أربع سنوات. جرى خلالها تدمير كبير للبنية التحتية، وأستهدف مدنيون وقوات وضباط في الجيش الوطني بشكل متكرر.
الحكومة اليمنية، أضحت في موقف حرج، فلاهي سيطرت على المناطق المسماة محررة من مليشيا الحوثي، ولا هي تملك زمام السيطرة على الموارد والمنافذ الاستراتيجية.

وفوق ذلك، تتلقى التهديدات بالاجتياح والاجتثاث من قبل الفصائل المسلحة التي شكلتها ودربتها الإمارات.
أراد التحالف بقيادة السعودية والإمارات، سلطة هشة في البلاد، لكي يتسنى له التحكم والسيطرة على ثروات وخيرات البلد، وفي الوقت عينه، يمارس لعبة اختبار وتجارب لأسلحته الحديثة.
لم تقدم السعودية تفسيرا منطقيا لهذا التسيد والتفرد الذي تمارسه الإمارات في الساحة اليمنية، رغم إنطلاق عاصفة الحزم تحت قيادتها، وتحملها الكلفة الانسانية والمادية والاخلاقية للحرب.

تشبه إجراءاتها وانشغالها بترتيب السلطة الداخلية للوارث الجديد الأمير محمد بن سلمان، ذات الترتيبات التي حملتها لنا المرحلة الانتقالية اليمنية بعد توقيع المبادرة الخليحية ثم الدخول في مؤتمر حوار وطني شامل.

بينما كاد البناء الدستوري الحديث لليمن يكتمل بإجراء إستفتاء الشعب على تلك المرحلة الثمينة. لكن ترك المجال لمليشيا مسلحة التقدم صوب العاصمة صنعاء بتواطؤ محلي ودولي وخليجي، فتم القضاء على كل شيء دفعة واحدة يوم 21 سبتمبر 2014م.
السعودية ليست في منجى من خطر عظيم قد اقترب. الصواريخ الباليستية على مدنها، تجاوزت المائتين صاروخ، بحسب المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي.
في حين تشارك السعودية في إشعال هذه الحرائق الهائلة، تمارس أمام العالم دور الإطفائي الغبي، بالاعلان عن تقديم منحة مالية لليمن بقيمة مائتي مليون دولار لمواجهة أزمة انهيار العملة المحلية.
حدودها الجنوبية مشتعلة بالمعارك، ولولا الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لمليشيا، لكان الوضع مختلف في هذه الجبهة.
الرئيس الأمريكي المتهور دونالد ترامب ما انفك يمعن في إهانتها وتهديدها برفع الحماية الأمنية عنها، ويطالبها بضخ المزيد من الأموال للخزانة الأمريكية.

تدرك واشنطن وغيرها من المراقبين، الطوق الناري الذي بات يحيط المملكة من قبل إيران وأدواتها في المنطقة، ولذلك صار لزاما عليها الدفع والرضوخ لعمليات الابتزاز المتكررة.
اليمن يغرق في مستنقع حروب وتفتت وأزمات إنسانية هي الأسوأ في العالم.

وفي حين تشارك السعودية في إشعال هذه الحرائق الهائلة، تمارس أمام العالم دور الإطفائي الغبي، بالاعلان عن تقديم منحة مالية لليمن بقيمة مائتي مليون دولار لمواجهة أزمة انهيار العملة المحلية.
شعارات المسيرات الاحتجاجية في تعز خلال اليومين الماضيين، كانت أبلغ رسالة للرد. لدينا موارد وثروات كافية. البلد لا يحتاج إلى منح وهبات خليجية بهدف الترويج الإعلامي.

كان هناك مئات الآلاف من المغتربين في السعودية، وقد تم طردهم في ظل ظروف معيشية صعبة، بدلا عن فتح باب اللجوء الانساني.
ما نحتاجه بشكل عاجل هو رفع الوصاية على القرار الوطني، وتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة دورها في المناطق المحررة بدون أحزمة أمنية.

ورغم الفساد الضارب في صفوف الحكومة الشرعية، إلا أن تمكينها من الموانئ والمنافذ الحيوية والاستراتيجية واستئناف تصدير النفط والغاز كفيل بالتخفيف من حدة الأزمة والعودة إلى طريق خطوة الألف ميل.
شاكر  أحمد خالد

صحفي يمني