السعودية وإيران وسياسة الإتفاق والإفتراق

السعودية وإيران وسياسة الإتفاق والإفتراق
( نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ، ومحركى الفتن فيه وجلاديه ) د.أوسكارليفي ،
إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني ، هو راية إنتصار أخرى ترفعها القوى الصهيونية الظاغطة والمسيطرة على القرار الأمريكي ،ولن تكون هذه الراية هي الأخيرة ، لقد كشف قرار الإعتراف الأمريكي  بالقدس عاصمة لدولة الصهاينة ، هشاشة المجتمع الدولي وضعف القرار العالمي ، أمام الصلف والإستكبار الأمريكي ، إن القوى الإمبريالية الصهيونية المسيطرة على دوائر القرار في الولايات المتحدة ، وبعض دول أوروبا ، تدرك بما لا يدع مجالاً للشك ، أنه لا توجد قوة في العالم قادرة على كبح جماح تحركاتها التوسعية ،كما أنها تدرك أن القرارات الأممية المنصفة للحق العربي الفلسطيني ،  مجرد حبر على ورق .
إن هذا الإدراك الذي تعيه هذه القوى جيدا ً ،ليس وليد اللحظه ، بل هو وعى وإدراك راسخ في الذهن العام الصهيوني ، نتيجة ، لنجاح مشاريعها التي صنعتها منذ عقود من الزمان ، لدول الطوق المحيطة بها ، ولبعض الدول الكبرى والفاعلة في الشرق الأوسط ، ولكثير من الدول الكبرى ، والمؤثرة  في العالم .

إن قوى الهيمنة البرجماتية الصهيونية ، ترى رُأى العين ، ثمار  ما غرسته ، من بذور ، مشاريعها الطائفيه النتنة ، في أرض المشرق الإسلامي  ، انها تحصد الأن ما زرعته ، منذ مئات السنين ، من بذور الفرقة ، وصناعة الضبابية الفكرية ، والعقائدية ، في العقيدة والفكر الإسلامي .
 
 لقد جندت هذه القوى ، جُل جهدها ، وطاقتها وفكرها ، لإنجاح مشاريعها المعدة بعناية وبإحترافية فكرية عالية ، لضرب معاقل الفكر الإسلامي الحصين ، كخطوة أولى ، تلتها خطوات أخرى ، للنيل من العقيدة والثقافة الإسلامية ، في سبيل النيل من الإسلام ، الذي يعتبر خط الدفاع الأول ، عن القدس ، بوجه خاص ، وعن كافة الأراضي الفلسطينية و العربية المحتلة بوجه عام .
 
هناك سيناريوهات صُنعت في أروقة مخابرات قوى الإمبريالية الصهيونية والقوى المتحالفة معها ، كجزء من مشاريعها القديمة  ، بدأت تظهر ملامحها جليا ً ، لمن أراد أن يُبصر ويرى بوصلة الحقيقة
 

إن الشارع الإسلامي والعربي ونخبه المثقفة ، الأن ، في حالة موت سريري ، وفي حالة توهان ، وعدم معرفة بالذات ، وفقدان للهوية ، وفقدان عام لبوصلة حقيقية ، ترشده ، للإتجاه الصائب ، كنتيجة حتمية وطبيعية ، لنجاح مشاريع قوى الإستكبارالصهيونية الأمريكية ، الفكرية والعقائدية والثقافية والسياسية .
 
لقد جعلت هذه المشاريع ، العقل العربي المسلم ، عقل برجماتي ، يدور مع المصلحة أينما دارت ، لذلك تجده في الخندق الذي يجد فيه مصلحته ، وهنا أصابت هذه المشاريع ، العقل العربي المسلم في مقتل ، فتجده يؤثر مصلحته على مصلحة المجتمع والأمة ، وهنا أصبح مجرد ترس صغير في ألة فكرية ضخمة  صنعتها القوى الأمبريالية الصهيونية المعادية للأمة.
 
لقد إستطاعت المشاريع الخبيثة التأمرية الصهيونية الأنجلوسكسونية ، من إشعال فتيل الحرب بين العراق وإيران ، واستمرت هذه الحرب لعدة سنوات ، إستنزفت خلالها موارد البلدين ، وتمكن المشروع الصهيوني ، من تغليف هذه الحرب بغلاف فكري طائفي مُختلق ، لإشعال فتيل الصراع ، وضمان إستمراره وديمومته .ولم يكن المستهدف ،العراق ، ولا إيران ، بل الأمة بأسرها ، أولياء دم "القدس " ، التي يسدد لها الصهاينة كل يوم الطعنات ، وأولياء الدم غارقين في صراعاتهم .
 
إن مشاريع الصهيونية مستمرة ، وهي ليست ضرب من الخيال ، أو إستغراق في نظرية المؤامرة  ، إنهم مازالوا  يمارسون نفس اللعبة ، وبنفس الأدوات الفكرية القديمة ، التي لم يعد يجهلها إلانحن فقط   ، لأننا   "الضحايا " ، والضحية عادة لاتدرك حجم المؤامرة التي تحاك ضدها ، إلابعد فوات الأوان .

هناك سيناريوهات صُنعت في أروقة مخابرات قوى الإمبريالية الصهيونية والقوى المتحالفة معها ، كجزء من مشاريعها القديمة  ، بدأت تظهر ملامحها جليا ً ، لمن أراد أن يُبصر ويرى بوصلة الحقيقة ، وهذه السيناريوهات بدأ تنفيذ بعضا منها  فعليا ً منذ زمن طويل ،والبعض الأخر يجرى تنفيذها الأن، والتي تهدف الي إشعال الصراع بين السعودية وإيران ، وتم تغليف هذا  الصراع بغلاف ماكر مخادع وهوغلاف المذهبية والطائفية ، وهي مسميات ومفاهيم قديمة ، إخترعها المشروع الفكري المضاد للمشروع الاسلامي منذ أمد طويل .

ولكى ندرك أن الشارع العربي والاسلامي ، في حالة موت سريري ، بشكل عام ، ونخبه المثقفة ، في حالة توهان ،وفقدان للرؤية بشكل خاص ، سنجدهم إنقسموا الي فريقين ، كل فريق تخندق مع طرف ضد الطرف الأخر ،ولكى نقترب أكثرمن الحقيقة  ، سنجد بعضهم يدرك حجم المؤامرة ، ولاكن برجماتيته تفرض عليه ان يدور معها اينما درات .
 
إن المستهدف من قوى الظلام الصهيونية والقوى المتحالفه معها ، ليست المملكة العربية السعودية   ،ولا جمهورية إيران الإسلامية  ، بل الأمة الإسلامية بأسرها ، لكى تظلّ الشعوب الإسلامية طريقها ، وتفقد بوصلة الحقيقة ، التي كان من المفترض ان تتجه صوب القدس ، التي ذ ُبحت ، وهي غارقة في دمائها ، وأولياء الدم  ، يقتلون بعضهم بعضا ، ويكفّر بعضهم بعضا .
 
في يومنا هذا ، لن تجد من هؤلاء ( اي النخب المثقفة وأهل الفكر في المشرق الاسلامي)أو حتى من الدوائر الضيقة لصنع القرار في المنطقة الاسلامية  من يناشد ويطالب بفتح حوار مباشر ، وشفاف ، وصادق بين السعودية وإيران ، حوار فكري وعقائدي وسياسي يحفظ للأمة شرفها وعزتها و"قدسها " ودمائها ، حوار يصل الي إلغاء مكامن الإختلاف (الذي زرعته القوى المعادية للاسلام ) وإعلاء وإعتماد مكامن الإتفاق ( الذي لم تتمكن القوى المعادية من نزعه من الصدور )  .

عندما نستفيق من غيبوبتنا الطويلة ، ونومنا العميق ، ونجد النخب المثقفة ودوائر صنع القرار في كل طرف ، تطالب بالحوار ، وتصل اليه ، وتطبق مخرجاته تماما ، عندها سنكون تجاوزنا الدور المرسوم لنا من قوى الظلام الصهيونية ،والتي بوعى وبلا وعى ندين لها بالولاء والطاعة ،فهي من وضعت صُناع القرار فينا في دوائر صناعته ، وهي من لها القدرة فقط على أن تستبدل صُناع قرارنا في أي وقت تشاء ، وهي من تزرع بيننا الفتن والدسائس المذهبية والطائفية ، لنقتل بعضنا البعض ،وندمر بعضنا البعض .