الرئيس مرسي وملحمة الوداع

الرئيس مرسي وملحمة الوداع

بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ وأهلي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ. بهذا البيت من الشعر الملحمي هتف الرئيس محمد مرسي في قاعة المحكمة قبل رحيله بدقائق كما نُقل عن محاميه بعد أن أبى يمضي الى بارئه بصمت، مسطرا ملحمة بطولية وطنية خالدة على غرار ثابت شهداء الديمقراطية الذين قتلوا في مجزرتي رابعة العدوية والنهضة على يد العسكر متمسكين بحقهم في الكرامة والحرية والديمقراطية والمواطنة المتساوية.

لكم أن تتصوروا مدى جبن الديكتاتورية العسكرية المغتصبة للسلطة في مصر من خلال عملية قتل الرئيس مرسي البطيئة والمبرمجة التي أراد سجانيه من خلالها أن يقضوا على الرمزية الأهم في مسار ثورة 25 يناير والإنتقال السياسي ويقطعوا طريق التحرر وإقامة حكم مدني ديمقراطي يحترم سيادة الشعب ويؤسس لحكم القانون ويصون حرية المواطن وكرامة الإنسان.

 

كان العسكر الأوائل ينفذون الاغتيالات والإعدامات الجائرة التي طالت الكثير من المناضلين الأبطال دون اللجوء الى هذا اللؤم والانحطاط الذي يكشف مدى رعب القوم وهشاشة سلطتهم، لقد تجرع الرئيس مرسي صنوف الموت بقسوة بالغة في كل لحظة مرت عليه داخل زنزانته الانفرادية التي دام سجنه فيها نحو ست سنوات، وبدلا من أن ينجح العسكر في تلفيق تهمة للرئيس الشرعي يبررون بها انقلابهم الغاشم على شرعيته، وجدوا أنفسهم في قفص الاتهام ولن يزيد رحيل الرئيس بهذه الصورة المؤلمة شعب مصر إلا إصرارا على استعادة حقوقه وحرياته المسلوبة.

لن يكون رحيل الرئيس مرسي في هذه الظروف اللاإنسانية إلا حافزا لنا جميعا لمضاعفة جهودنا سعيا للتحرر من رجس الديكتاتورية وحكم الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان وحرياته. لقد صنع فوز الدكتور مرسي بالانتخابات المصرية حدثا عالميا مدويا، وخلق يوم الإطاحة به في الانقلاب العسكري الدامي حدثا آخر مدويا، وشكل يوم رحيله امتحانا عظيما للضمير العالمي الحر.