آفاق الدور السعودي في اليمن

آفاق الدور السعودي في اليمن
بقلم 
رأينا كيف أن الأحداث الأخيرة في اليمن, عكست تأخر سعودي واضح وعدم قدرة على مواكبة الأحداث.
الادارة السعودية غارقة في ملفات كثيرة. وتعاملها مع الملف اليمني, يخالطه استرخاء وعدم تقدير فعلي لحساسيته (التقدير النظري موجود وعبر عن نفسه أكثر من مرة), وأيضا عدم استشعار خطورة إبقاء الأمور تتراوح من بين التخثر والهاوية.
 
كان من نتائج الاسترخاء السعودي, تفرد الامارات في ترتيب أوضاع "انقلابية" على الأرض سوف تآخذ مع الايام شكل قنبلة موقوتة, انفجارها لن يكون ذو تأثير على اليمن وعلى حساب مستقبله, ولكن أيضا على مستقبل الدولة السعودية المحاطة بالاعداء من كل جانب.
التحرك السعودي الملحوظ في شبوة الهادف لوقف تمدد المجلس الانتقالي وما يحمله هذا الاخير من مشروع تمزيقي واستقواء وعدم تقدير للحظة الماثلة, وما رافق هذا التحرك من تصعيد على المستوى الاعلامي والسياسي مع الامارات, هذا التحرك يوضح غياب استراتيجية واضحة لدى التحالف. لكن أيضا يعكس تشارك السعودية والامارات في ادارة الملف اليمني من منطلق المصالح التي يراد تحصيلها بعيدا عن الأطر الرسمية.
 
للسعودية في اليمن دور تاريخي كبير, في معظمه, معادي للتطلعات الشعبية. كطريقة سعودية في الدفاع عن مصالحها. اليوم حتى مع تغير المعطيات فإن ذلك الأرث الثقيل لا يزال يلقي بظله وينعكس على السياسات وطريقة تعاطي الجانب السعودي مع الملف اليمني الذي يبدو انه اقرب للتدحرج نحو الفوضى اكثر من كونه مشارف على الحسم.
المعطيات الجديدة تقول ان السعودية من مصلحتها وجود دولة مستقرة في اليمن. قوية وبمنأى عن الاستقطاب الاقليمي المهدد للسعودية والذي تتصدره إيران.
 
غير ان هذا لم يحث الادارة السعودية على تحديث طريقتها وأليات عملها, أما تصورها فلا يزال ذاته التصور الذي بني في أواخر ثلاثينات القرن الماضي. وبالطبع مع وجود تعقيدات مستجدة تؤبد هذه الصورة النمطية للسياسة السعودية.
 
للسعودية في اليمن دور تاريخي كبير, في معظمه, معادي للتطلعات الشعبية. كطريقة سعودية في الدفاع عن مصالحها. اليوم حتى مع تغير المعطيات فإن ذلك الأرث الثقيل لا يزال يلقي بظله وينعكس على السياسات
 
قبل استعراض هذه التعقيدات, من الضروري التأكيد على ان مواجهة المخاطر الوجودية (والسعودية توجه خطر وجودي فعلا) فإن ذلك يتطلب حسم كل قضايا الماضي, وبناء رؤية واقعية لمواجهة اشكاليات الحاضر واستراتيجية واضحة للمستقبل.
 
السعودية كما سيبدو لا تزال غير قادرة على حسم قضايا الماضي. لديها اشكالية مع الثورة. مع الجمهورية. مع الديمقراطية. غير مؤمنة بحق الشعب في تقرير مصيره. تميل الى دعم مراكز النفوذ القبلية والعسكرية على حساب مؤسسات الدولة. تتعامل مع قيادة الشرعية كتابع وليس كشريك.
 
هذه الصورة النمطية المحتفظة بتماسكها تأتي في مقدمة التعقيدات التي تواجهها السعودية. الى جانب تعقيدات أخرى لعل ابرزها تشاركها مع الامارات نفس المنظور عندما يتعلق الامر بكيفية ادارة مصالح الدولتين في اليمن.
فبينما تقوم الامارات بتعطيل الموانئ والهيمنة على المطارات وحتى تصدير شحنات نفط بطرق غير شرعية. بحسب ما يتردد. فإن السعودية التي تطمح الى مد انبوب النفط عبر الاراضي اليمنية الى البحر العربي يبدو وكأنها تتبع نفس طريقة الامارات. اي تحقيق المصلحة بعيدا عن الاطر الرسمية ومن خلال الاستعانة بقوات على الأرض وموالين قبليين.
 
ما الذي يمنع السعودية مثلا من عمل اتفاقية مع القيادة اليمنية الشرعية لمدة عشر سنوات فيما يتعلق بمد خطوط النفط. وفقا لقواعد العلاقات الدولية, وبما يحقق مصالح الدولتين؟
انا حقا لا أفهم.
 
ثم هناك ما يتعلق بالتعامل مع مكونات سياسية كالاصلاح والاشتراكي وحتى المؤتمر. حيث تتشارك السعودية مع الامارات رؤى متقاربة بخصوص تحجيم حزب الاصلاح بتهمة الأخونة. عدم ذهابها الى النهاية مقارنة بالامارات, سببه ان الاصلاح حليف تاريخي للسعودية عوضا عن عدم وجود قوى اخرى يمكن الاعتماد عليها كبديل. بمعنى ان الامر لا ينطوي على تقدير انه لا يحق لدولة التدخل في تقرير مصير قوى سياسية في دولة أخرى. سواء بدعمها او بمحاربتها. عدم وجود هذا التقدير يعني ان السعودية متخلفة عن مواكبة قضايا الحاضر.
 
بالطبع هذه الرؤية الساعية لمحاربة الاخوان واجتثاثهم, نبتت على اثر ثورات الربيع العربي. وهذا دليل أخر على عدم القدرة على بناء رؤى واقعية تحترم ارادة الشعوب. عوضا عن ان السعودية لديها سجل حافل في محاربة القوى السياسية واضعافها على حساب تقوية قوى ما قبل وطنية (قبلية ودينية).
 
إذا يمكن القول باسترخاء مشابه للاسترخاء السعودي _ طالما ان الأمر يعنيها _ أن عدم قدرتها على حسم ملفات الماضي, سيجعلها غير قادرة على مواكبة قضايا الحاضر. ما يعني فشلها المستقبلي المحتوم.
وسام محمد

صحفي يمني