أرض الأعداء

أرض الأعداء
بقلم 
لا اعرف من قال انه عندما تغادر باب منزلك فإنك تبدأ التوغل في أرض الاعداء. لكن الحقيقة ان فضاءنا العام والخاص كيمنيين أصبح أرض معركة وليس أرض للأعداء فقط.
منذ عامين ونحن نصارع طواحين الهواء. لم يعد ثمة معركة أو قضية بامكان المرء ان يحملها وتمنحه ثقل الحياة ورزانتها. ذلك الثقل الذي لولاه لأصبح كل شيء بلا معني.
 
اللا معنى هو التكثيف لما يمكن تسميته بأرض الاعداء. أيام صفراء مستنسخة من بعض. لحظات خاوية. اهتمامات لحظية. لا جديد سوى توسع رقعة المأساة: مرة على شكل أحداث لا نعرف كيف تشكلت مقدماتها لتصبح على هذا النحو المربك. واخرى على شكل نزعات منحطة أصبح يموج بها الشأن العام كلغة مشتركة. وثالثة على شكل أشخاص طارئين يبدو وكأنه قد تم تحنيطهم بعناية ليصبحوا جزء من يوميات اليمني ومن مستقبله.
 
نحن الآن في الزمن الاكثر انحطاطا, زمن بن بريك والعديني وعبدالملك الحوثي. لكنه الزمن الذي تتجلى فيه حياة اليمني كما هي في الحقيقة. عارية وتلخص تاريخ من المكابدة والقهر.
لم تكن عقدة ذو يزن بل اعياءه من جعله يستعين بالأغراب. لم يكن الملل هو من جعل اليمنيين يدعون اللهم باعد بين أسفارنا, ولكن الخوف من تطور الحياة وازدهارها. لم نكن أولو قوة وبأس شديد. بل هو النزوع نحو المقامرة والذي يسقط مع أول اختبار.
 
لا اعرف من قال انه عندما تغادر باب منزلك فإنك تبدأ التوغل في أرض الاعداء. لكن الحقيقة ان فضاءنا العام والخاص كيمنيين أصبح أرض معركة وليس أرض للأعداء فقط.
 
دائما ما نخشى المجهول. لكننا نسلم أمرنا لأول غريب يشعرنا بأننا مهمين وبأن لوجودنا قيمة. ولا يهم الطريقة التي سيستخدمها.
ثمة شعور يظل يخبر اليمني ان وجوده عبء وان متاعبه لا مفر منها وأن أمره ليس بيده. لهذا مع أول تلويحة عابرة يتغير كل شيء. نذهب خلف أول غريب يطرق بابنا. نسلم أمرنا له بدون أي خطط أو برامج.

ما يريده الاخرون يصبح بمثابة برنامج لنا. ولدينا الاستعداد لأن نقاتل ونقتل بعضنا حتى يربح هؤلاء البعيدين. المهم ألا نربح نحن. لأن هذا سيعني أننا لم نعد يمنيين.
أنظروا لقد توقفت الحرب عن كونها من أجل استعادة الدولة وقبلها استعادة كرامة اليمني أو من أجل تحقيق تلك الأهداف التي ناضلنا من أجلها طويلا. أصبحت شأنا سعوديا إماراتيا ايرانيا قطريا وحتى اسرائيليا وأمريكيا.

المهم انها ليست شأننا لأن هذا سيعني فقد الحماسة سيعني الشك سيعني أننا نفتقد للمعنى.
نحن شعب جبار. هذا مفروغ منه. يستحق الأفضل. هذا مؤكد. غير أن عزلتنا التاريخية أصبحت جزء من تكويننا. طاقة التدمير الذاتي أضعاف طاقة البناء والابداع. لقد أدمنا القلق. ونظامنا الاجتماعي لا يسمح بالذهاب بعيدا.
 
أنظروا أيضا هؤلاء الذين يدافعون عن الوحدة ليس لديهم الاستعداد لاخبارنا لماذا الوحدة مهمة؟ ومن يناوؤن الوحدة لا يخبرونا كيف لهذا ان يصبح شيئا مميزا ويستحق العناء أنها سياسة أرض الأعداء. ولكن لماذا علينا الاستمرار في العيش؟
الانسان كائن غائي ولابد من وجود أهداف سامية تكون بمثابة محرك لنشاطه الاجتماعي. ونحن اليمنيين في الجنوب كما في الشمال كما في التاريخ, ثمة ومضات مشرقة, هي كل ما لدينا من سجل حضاري.

ومضات سرعان ما تنطفئ لكنها تظل تحثنا على البقاء والاستمرار. ولا شأن لنا بالمستقبل. على الاقل حتى الآن وطوال ما بلادنا أرض الاعداء.
وسام محمد

صحفي يمني