قادت السعودية تحالفاً عسكرياً لدعم الشرعية في اليمن، وبعد 5 سنوات من الحرب بدا أن الشرعية نفسها هي الهدف المباشر من حربها، فالجيش الذي يعول عليه الانتصار للدولة وإسقاط الانقلاب يعاني شحة الإمكانيات في جبهات القتال، بينما الحشود والآليات العسكرية السعودية تذهب باتجاه المناطق التي لم تطأها أقدام الانقلابيين إطلاقاً.
منذ أواخر 2017 والسعودية تحشد قوات عسكرية إلى المهرة، فقد احتلت مطار الغيضة وأنشأت فيه سجنا سريا، وبسطت سيطرتها على العديد من المرافق والأماكن الحيوية وحولتها إلى ثكنات عسكرية، بالإضافة إلى التضييق على الصيادين، وانشاء مليشيا مسلحة خارج إطار الدولة، وتعمد إلى إجراء عمليات تغيير واسعة في مختلف الوظائف العليا وإدارات المكاتب التنفيذية بالمحافظة، بما في ذلك منصب المحافظ الذي يطالب أبناء المهرة بإقالته، لاتهامه بالتورط في انتهاكات حقوق الإنسان وعمليات فساد.
في الآونة الأخيرة، لوّح أبناء المهرة باللجوء إلى خيارات أخرى، كما صعدوا من احتجاجاتهم الرافضة لحملات القمع والتضييق التي تمارسها القوات السعودية ضد سكان المحافظة، وقيامها مؤخرا باقتحام المنازل ومحاولاتها إنشاء نقاط تفتيش بالقوة، كجزء من مظاهر عسكرة المحافظة.
بداية الوجود
وكيل محافظة المهرة بدر كلشات قال إن بداية الوجود السعودي والإماراتي في المحافظة كان منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم، عبر الهلال الأحمر الإماراتي، ثم تلتها محاولة إماراتية تجنيد دفعات وصلت إلى ألفي شخص من أبناء المحافظة، لكن المحافظ ومدير الأمن السابقين رفضا هذا الدور الإماراتي، وتم احتواء هذه الخطوة، وضم الأفراد إلى قوام القوات الأمنية الرسمية.
وأضاف كلشات خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء الأحد (14يوليو/تموز) أنه وبعد ذلك تدخلت السعودية رغم استمرار الوجود الإماراتي في المحافظة، وبنفس الأهداف، الإغاثة والأعمال الإنسانية، لكن بعد ذلك تغيرت الأمور وأصبحت هناك أهداف ونوايا أخرى.
وحول الغطاء الذي تدخلت بموجبه السعودية في المهرة، أوضح كلشات أن: "المبرر كان هو أن تكون المهرة محطة انطلاق المساعدات لبقية المحافظات التي تشهد مواجهات عسكرية باعتبار المهرة محافظة آمنة ومطارها كذلك".
ووسط تجدد المظاهرات التي تشهدها محافظة المهرة اليمنية للمطالبة بخروج القوات السعودية منها، قال عضو اللجنة الإعلامية للاعتصام السلمي بمحافظة المهرة أحمد بلحاف لقناة بلقيس إن الاحتجاجات في تزايد نتيجة الأسباب التي ما زالت موجودة إلى اليوم وعدم استجابة القوات السعودية لمطالب أبناء المهرة.
وتتمثل مطالب أبناء المهرة بسحب القوات السعودية ومعسكراتها وميليشياتها الغير خاضعة لمؤسسة الأمن والجيش، بحسب بلحاف.
وأوضح بلحاف أن السعودية تريد أن تحتل محافظة المهرة وتنفيذ أطماعها الخارجية مستغلة ظرف الحرب.
ولوّح بلحاف إلى مواجهة أبناء المهرة للقوات السعودية إذا لم تنسحب بالسلم، مبينا أن خيارات أبناء المهرة ما زالت مفتوحة .
مليشيا وسجون سرية
وتحدث كلشات عن وجود سجون سرية في المهرة ومداهمات للمنازل بدون مذكرات من النيابة أو القوات الأمنية من قبل مليشيات غير رسمية، موضحا أن هناك عصابة يمنية يشترك فيها ضباط سعوديين وإماراتيين تدير المحافظة.
بدوره؛ قال بلحاف إلى أن السعودية أوجدت واقع جديد ومؤلم، ويتمثل ذلك بعدم الاستقرار والاختلالات الأمنية في المحافظة.
وكشف بلحاف أن عملية اختطاف الصحفي يحي السواري تمت من داخل السجن المركزي وهو على ذمة التحقيق من قبل مليشيا تابعة للسعودية وذهبت به إلى معتقل المطار أو قد ربما تم ترحيله للرياض، بحسب بلحاف.
وحول المخاوف من دخول السعودية في صراع مسلح من أجل اخضاع المحافظة، أبدى كلشات تخوفه من هذا، حيث وأن القوات السعودية مستمرة في توسيع المعسكرات، داعيا الشرعية إلى التدخل الواضح ووضع حد لهذه الممارسات، لأن هناك احتقان واضح وحقيقي في محافظة المهرة
وفي ظل الرفض المتنامي للتحركات السعودية، تشهد محافظة المهرة شرق اليمن منذ أبريل/نيسان 2018 اعتصامات سلمية للمطالبة بخروج القوات السعودية من المحافظة، وتسليم منفذي شحن وصيرفيت، وميناء نشطون، ومطار الغيظة الدولي، للقوات المحلية، والحفاظ على السيادة الوطنية.
وتكتسب محافظة المهرة اليمنية الواقعة شرق البلاد أهمية بالغة؛ حيث تُعدّ ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد فيها منفذان حدوديان مع عُمان، هما صرفيت وشحن، وأطول شريط ساحلي في البلاد يقدَّر بـ560 كيلومتراً، وميناء "نشطون" البحري.