هجمات "بقيق".. ابتزاز وسخرية، هل تدفع السعودية لوقف حربها في اليمن؟

  • معد التقرير: شاكر أحمد خالد
  • 17,سبتمبر 2019
أثارت الهجمات الأخيرة على معملين تابعين لشركة أرامكو النفطية السعودية مخاوف كبيرة من تفجر صراع إقليمي، بدت مؤشراته حاضرة بقوة خلال الأونة الأخيرة.

وتعد الهجمات الأولى من نوعها تستهدف إمدادات الطاقة العالمية، إذ ظلت السعودية دولة آمنة ومستقرة منذ أكثر من نصف قرن.
حسب التقديرات الأولية، أدى الهجمات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل، أو حوالي 50 بالمائة من إنتاج الشركة.
وقفزت عقود النفط الآجلة تسليم نوفمبر/ تشرين الثاني في بداية التعاملات الأسبوعية، الإثنين، بنسبة 10.76 بالمائة أو 6.5 دولارات إلى 66.45 دولارا للبرميل.

كما أحدثت مخاوف كبيرة من تعرض المنطقة لصراع طويل الأمد، ومفتوح على كل الاحتمالات.
وتبنت مليشيا الحوثي الهجمات بعشر طائرات مسيرة، كما جاء في البيان الذي تلاه المتحدث العسكري، العميد يحيى سريع.
وفيما هددت بالمزيد من الهجمات، تشير التأكيدات إلى ان مصدر الهجوم إيران وليس الحوثيون.
وقال المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة في هجومي خريص وبقيق إيرانية.
 
6666666

وأشار إلى انه سيتم عرض نتيجة التحقيقات، إضافة إلى صور الأسلحة التي استخدمت في الهجوم  قريبا.

دلائل ومؤشرات

وسبق ان اتهم مسؤول أمريكي إيران باستهداف المنشآت النفطية السعودية.
ونقلت وكالة رويترز عن المسؤول الأمريكي قوله إن تسعة عشر نقطة تعرضت للضرب في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية من قبل إيران.
وأضاف أن الأدلة تظهر أن منطقة الإطلاق كانت في الاتجاه الغربي والشمالي الغربي للأهداف من ناحية إيران وليس من اليمن.

وأشار الى أن مسؤولين سعوديين رأوا دلائل على استخدام صواريخ كروز في الهجوم الأمر الذي لا يتسق مع زعم الحوثيين بأنهم نفذوه بعشر طائرات مسيرة، حد قوله.
وبدت السعودية عاجزة عن اتهام إيران بشكل صريح في الهجمات، إذ أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم الثلاثاء، أن بلاده قادرة على التعامل مع ما وصفها بـ"اعتداءات جبانة".
موضحا ان الاعتداءات لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب، إنما تستهدف إمدادات النفط العالمية، وتهدد استقرار الاقتصاد العالمي".
 

ومضى نجله ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على خطى والده بتأكيده على أن السعودية "قادرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي"، في إشارة لهجمات بقيق.
وتحولت الهجمات إلى مادة لإبتزاز السعودية والسخرية منها أيضا بسبب خزينتها المالية الفائضة.

وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه يبدو أن إيران تقف وراء الهجوم على منشأتي نفط أرامكو السعودية في بقيق وخريص.
ورغم أنه تجنب الدخول في حرب مع إيران، لكنه كرر تصريحاته التي سبق أن رددها عن السعودية، قائلا ان عليها أن تدفع الأموال لبلاده مقابل حمايتها.

سخرية أمريكية لاذعة

وأضاف بكمية وافرة من السخرية "كان ذلك هجوما على المملكة العربية السعودية وليس هجوما علينا، ولكننا بالتأكيد سنساعدهم، إنهم حليف عظيم، وأنفقوا 400 مليار دولار على دولتنا خلال السنوات الأخيرة".
وأردف في تصريحات نقلتها سي ان ان العربية "أعتقد أنها مسؤولية السعوديين، إذا كان شخص ما مثلنا سوف يساعدهم، أعلم أنه سيتم دفع المال مقابل ذلك، الحقيقة هي أن السعوديين سيكون لهم مشاركة كبيرة إذا قررنا أن نفعل شيئا ما، وهذا يتضمن الدفع، وهم يفهمون ذلك بشكل كامل".

ولم ينس الرئيس الروسي فلادمير بوتين نصيبه من الكعكة، إذ اقترح على السعودية شراء منظومة صواريخ دفاعية من موسكو.
كان بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه التركي، رجب طيب إردوغان، والإيراني، حسن روحاني، في أنقرة يوم أمس لمناقشة مواضيع عدة.
قال بوتين "نحن مستعدون لمساعدة السعودية لتمكينها من حماية أراضيها".
 
444444

وتابع "يمكنها القيام بذلك على غرار إيران عبر شرائها منظومة الصواريخ الروسية إس-300، وعلى غرار تركيا عبر شرائها منظومة الصواريخ الروسية إس-400".
وأثارت تصريحات بوتين ابتسامة عريضة على وجه وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، الذي كان حاضرا خلال المؤتمر الصحفي.
ونفت طهران مسؤوليتها عن الهجمات، مؤكدة أنها تأتي ضمن سلسلة الأكاذيب بشأن سياستها في المنطقة.

غير ان الواقع يؤكد بأن إيران أضحت قادرة على تهديد كل دول المنطقة، إما بشكل مباشر أو عبر وكلائها العديدين في المنطقة.
ومن المعروف أن هذه الهجمات ليست جديدة، لكنها قد تؤدي، بحسب مراقبين، إلى الإضرار بعلاقات الرياض مع العديد من القوى العالمية وإظهارها بأنها غير قادرة على حماية منشآتها النفطية.
وتأتي ضمن سلسلة هجمات حوثية مستمرة لاستهداف العمق السعودي وامدادات الطاقة تحديدا.

وليس ثمة فارقا جوهريا في أن يكون مصدر القصف الذي طال شركة أرامكو النفطية شرق السعودية من الحوثيين أو من العراق وإيران.
الأهم ان السعودية أصبحت مستهدفة في أهم مصادر قوتها في المنطقة وعمقها الاستراتيجي الذي يفترض ان يظل آمنا.
وبحكم طبيعتهم المليشاوية، ليس لدى الحوثيين ما يخسرونه، إذ يشكلون حرب استنزاف طويلة للسعودية.
وتهدف هجماتهم إلى إجبار الرياض على وقف حربها المستمرة منذ ما يقارب الخمس سنوات في اليمن، فهل ترضخ السعودية أخيرا لقرار وقف الحرب؟