معوقات الريف اليمني في شبكة القرية الكونية

  • معد التقرير: قناة بلقيس - سلمان الحميدي
  • 15,سبتمبر 2019

يسهر محمد شداد "19 عامًا" إلى ساعة متأخرة من الليل، يبحث عن مكان جيد يظن أنه الأنسب ليلتقط هاتفه ذبذبات شبكة الانترنت المحلية، معظم شباب الأرياف يفعلون ذلك لتحميل حلقات من المسلسلات التي انخرطوا في متابعتها، ومتابعة أخبار بلدهم.

تتعدد معوقات الانترنت في اليمن بشكل عام، وتتضاعف مشاكل استخدام الشبكة العنكبوتية في الريف خاصة، ويضاف إلى ذلك بعض الإجراءات القمعية التي تفرضها المليشيا الحوثية بعد اقتحامها للعاصمة اليمنية صنعاء نهاية 2014.

 

انتشار وبطء

 

احصائيات، غير رسمية، أكدت ارتفاع عدد مستخدمي الانترنت، من أربعة مليون نهاية 2015 إلى قرابة سبعة مليون في منتصف 2016، ما يجعل الرقم مرشحًا للارتفاع أضعافًا في السنوات الأخيرة نتيجة إقبال اليمنيين المتزايد على الشبكة العنكبوتية.

 

وانتشرت الشبكات المحلية في ريف تعز من بعد 2016، ووصل عدد الشبكات التي تبث في المخلاف شمال المدينة، إلى 6 شبكات، ومع ذلك الخدمة متردية بشكل ملحوظ، يقول محمد أنه يحتاج إلى وقت طويل ليحصل على حلقة من مسلسل تركي اسمه كوت العمارة كما يتحين والده فرصة مناسبة لاستقبال رسائل الواتس آب.

 

ويذكر الريفيون نقطة إيجابية لانتشار الانترنت في مناطقهم: "سهل الانتشار من عملية التواصل بين المغتربين وأهاليهم بالصوت والصورة" ولكن باعتمادهم على شبكة "يمن موبايل" إذ يعتقدون أن خدمتها أنسب رغم التسعيرة المرتفعة كما يقول محمد شداد.

 

عماد الحداد، أعد دراسة جدوى للاستثمار بشبكة في الريف، قال أن تكلفة المشروع ضئيلة ويمكن توفير مستلزمات الشبكة بسهولة، حيث تعتمد على لاقطات يمكن توزيعها على القرى، ثم التواصل مع مكتب الاتصالات للاتفاق معهم وبدء البث، يؤكد عماد أنه تراجع عن تنفيذ مشروعه ليفسح للآخرين تقديم الخدمة، مؤكدًا أن عزفه عن إقامة المشروع كان بسبب تفاجئه أن الخدمة ستكون رديئة من المصدر، مؤكدًا أن محافظة تعز هي أقل المحافظات اليمنية "من حيث الألياف".

 

وتعد شركة "يمن نت" هي الشركة المتحكمة للإنترنت في اليمن، ومع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، بدأوا يتحكمون بالإنترنت بما يتماشى مع سياستهم القمعية، ما حدا بحكومة الشرعية من إعلان إنشاء شركة "عدن نت"، وستعمل بتقنية الجيل الرابع، لكن تغطيتها لم تكف العاصمة المؤقتة حتى الآن.

 

وكانت مجموعة حقوق الانترنت، سمكس ومقرها بيروت، قد نشرت تقريرًا في أغسطس 2018 سلطت الضوء على وضع الانترنت في اليمن، وأشار التقرير إلى جملة من أسباب البطء مثل "الاضطرابات منعت الشركة الحكومية من صيانة شبكة دي إس إل، أو تطويرها مع ازدياد الإقبال على الانترنت".

 

خلافات وتوزيع

 

ونقل تقرير سمكس عن فهمي الباحث، رئيس منظمة "مجتمع الانترنت في اليمن"، قوله "عمدت شركات خاصة إلى إنشاء شبكات تستمد الانترنت من اشتراكات رسمية ومن ثم توصله إلى المناطق النائية عبر أنتينات لتبيعها للمواطنين".

 

وتتلقى شبكات الريف الشمالي في تعز، خدماتها من محافظة إب، وتختلف نطاق البث من شبكة لأخرى، فشبكة الصلاحي تبث لنطاق جغرافي واسع في المخلاف، وتمتد إلى عزلة الأجعود في التعزية وبدأت تنتشر في قرى في مديرية مذيخرة التابعة إداريًا لمحافظة إب، أما شبكة ناسا فتتمركز في عزلة بني عون.

 

ومؤخرًا بدأت الخلافات تنشب بين بعض ملاك الشبكات، ليصلوا إلى اتفاق "توزيع المناطق"، بحيث لا ينشر صاحب شبكة لاقطاته في نطاق شبكة أخرى، ويرى عماد الحداد أن ذلك مخل في الاستثمار البسيط، إذ أنه من الأفضل أن يتسابق أكثر من اثنين في تقديم خدمات الانترنت للريف.

 

ويقوم أصحاب الشبكات بتوزيع الكروت للدكاكين والبقالات، يقسمونها إلى فئات، أقل كرت 100 ريال وأعلاه يصل إلى 1000 ريال، وتبدو التسعيرة مرتفعة مقارنة بخدمات الانترنت في المدن، في كرت فئة 300 ريال يعطونك 900 ميجا، قابلة للاستخدام في 11 ساعة، والساعات قابلة للتوزيع على تسعة أيام، ينتهي الكرت ومازال محرك البحث يدور كما يقول المستخدمون.

 

ورغم المغالاة في تقديم الخدمة الرديئة إلا أن أصحاب الدكاكين يبيعون الكثير منها، يقول البقالون أن تطورات الأحداث في الخمس السنوات الأخيرة جعلت الريفيين ينخرطون في الانترنت بشكل كبير، لم يعودوا يشاهدون التلفاز ولا يستمعون إلى المذياع، ويتلقون أخبارهم من الواتساب والفيس بوك ومؤخرًا بدأوا بالهجرة إلى تويتر.