كادحون في خريف العمر .. كفاح حتى الرمق الأخير

  • معد التقرير: قناة بلقيس - زكريا حزام - خاص
  • 05,يوليو 2019

لم يستسلم الستيني أمين مطيع عبدالله للظروف بعد أن أفلس دكانه الصغير الذي كان المصدر الوحيد لإعالة أسرته بسبب ديون الناس التي بددت رأس ماله، لكنه بقى صامداً ومصراً على أن إغلاق الدكان لا تعني نهاية الحياة، وبدأ يتحرك بعزم وإرادة بحثاً عن مصدر رزق جديد، حتى افتتح مشروعه الجديد المتمثل بعربية شواء لكبدة الدجاج في أحد أسواق العاصمة صنعاء.

صمود أسطوري

 

لا يعرف المسن أمين مطيع عبدالله محطات توقف واستسلام، فكل حياته عمل وكفاح لطلب الرزق، وتأمين لقمة عيش لأسرته من عرق جبينه، ومع أنه يعيش مرحلة خريف العمر إلا أنه ما يزال يقف بصلابة في وجه الظروف القاسية، ويرفض أن ينحني لتقلبات الزمان أو يمد يده للناس.

 

يقطع الحاج أمين مسافة كبيرة ومشاوير عديدة حتى يصل إلى مكان عربيته بسوق الشرق الأوسط بخط المطار شمال العاصمة صنعاء، يبدأها من منزله الصغير في وادي أحمد بضواحي صنعاء إلى سوق علي محسن لشراء كبده الدجاج " القناوص" ثم يذهب لشراء الفحم وبعدها ينطلق لعمله، ويفتتح يومه بكل قناعة ورضى.

345345345345.JPG

ومنذ الصباح حتى العصر يقف الحاج أمين على قدميه يبيع بضاعته للمارة في سوق الشرق الذي يجتمع فيه باعة القات والفواكه من دون كلل أو شكوى، وعلى وجهه القروي ترتسم ابتسامة دائمة، وكأنه يهزأ من مرارة الأيام القاسية حتى صار أحد المعالم البارزة بالسوق.

 

لم يتوقف الحاج أمين المنحدر من حزم العدين بمحافظة إب عن الأمل والتفاؤل على الرغم من تقدمه بالسن والحمل الملقى على عاتقه لأسرة مكونة من ثلاث بنات وولد ومنزل صغير يدفع إيجاره 15000 ريال شهرياً، ولم تمنعه ظروفه عن التواصل المستمر وصلة الرحم والدعم بقدر الإمكان لست أخوات تركهن في بلدته، كما يؤكد لـ " بلقيس ".

 

التمسك بالآمل

 

ليس الحاج أمين المسن الوحيد الذي يكافح حتى الرمق الأخير، فأشعة الشمس تشرق وتغرب على جبين كثير من أشخاص كادحين في خريف العمر لم يعرفوا إلا المشقة والنحت على الصخور للحصول على لقمة العيش وسترة الحال.

 

فعلى نفس خط الكفاح يقف المسن محمد عبدالله قائد من الصباح إلى المغرب وسط سوق الحصبة بصنعاء لبيع لبان البخور ويحاول الصمود أمام متطلبات الحياة ويدفع 16000 ريال إيجار شقة صغيرة مكونة من غرفة صغيرة ومطبخ وحمام، ويعول زوجته التي لم يعد له بالدنيا سواها بعد أن توفى ثلاثة من أبنائه، وسافر الرابع إلى المكلا للبحث عن فرصة عمل يعيش منها.

7577558.JPG

يتنقل الحاج محمد من مكان لآخر ببضاعته التي لا تتعدى الكيلو جرام الواحد من لبان البخور هربا من أشعة الشمس التي تداعب وجهه الأسمر وتبرز تجاعيد رسمتها مرارة الأيام وقسوتها ، لكن روحه تمتلئ إيمانا ويقينا بكرم الخالق وحسن الظن بالله .

 

يقول الحاج محمد لـ " بلقيس " اشتري الكيلو اللبان بـ 7200 ريال والمردود المالي قليل جداً، لكن العمل عبادة والحياة رحلة قاسية من الكفاح والتعب ، وسأظل أعمل حتى آخر أيامي ولا يمكن أمد يدي لأحد .

 

تقلبات الأيام

 

ومع بداية الحرب خسر الحاج احمد صالح الجبل من محافظة ريمه وظيفته في إحدى المحلات التجارية، واستغنى صاحب المحل عنه وعن زملائه بسبب التدهور الإقتصادي لكنه قرر مواصلة الحياة دون يأس، واشترى عربية لبيع الطاقيات بشارع التحرير بصنعاء وبدأ تجربة جديدة من الكفاح .

 

يتحفظ الحاج أحمد عن الكلام حول تفاصيل حياته ومعاناته لكنه يقول لـ " بلقيس " التزاماته نحو أسرته وإيجار منزله هو ما يدفعه للعمل، ويضيف أن له عدد من الأبناء يعملون في مهن حرة وكل واحد منهم يبحث عن قوت أطفاله في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة .

756745756.JPG

ويبقى الجد والكد حتى الرمق الأخير الطريق الوحيد التي توصل إلى بر الأمان ويتمسك بها الكثير من كبار السن الذين لم يعرفوا الراحة، ويعيشوا بهدوء وسكينة ما تبقى لهم من خريف العمر.