أخطاء طبية قاتلة
" تنقلت بين العديد من المستشفيات وخضعت لعدد من العمليات الجراحية, وأنفقت الكثير من المال آملاً في علاج ساقي المتضرر بسبب حادث مروري, لكن دون جدوى".
بهذه العبارات المحزنة يروي زياد أحمد البالغ من العمر (30 عاماً) مرارة رحلة علاجه في اليمن لقناة بلقيس ويتابع قائلاً: "بعد التجارب التي أجراها الأطباء في اليمن على ساقي, وبعد الألآم التي تجرعتُها والنفقات التي أنفقتُها, قرر الأطباء بترها, لم أتحمل مرارة الصدمة, لماذا هذا العبث؟ حينها قدمت طلب استشارة طبية خارجية وأفادوا بأنه يمكنهم ترميم ما أتلف, ولا داعي للبتر ".
ويعاني المرضى في اليمن من صعوبة إيجاد البيئة المناسبة للعلاج, خاصة المرضى المصابون بأمراض خطرة أو مزمنة كـ أمراض الأورام والفشل الكلوي ومختلف الجراحات المتخصصة, ففي ظل الحرب والحصار أصبحت المستشفيات تفتقر للحد الأدنى من الأساسيات واللوازم المهمة كـ الكهرباء.
وبالرغم من التزايد المستمر لمرضى الأورام السرطانية في اليمن إلا أن الاستعداد الطبي لمواجهة تلك الحالات لايزال ضعيفاً وخصوصاً الحالات الطبية الطارئة؛ هناك افتقار للأجهزة التقنية الحديثة وللكوادر المتخصصة والأدوية المناسبة, مازال العديد من المرضى هم بحاجة ماسة للعلاج بالخارج.
وتعكس قصة السيد سمير حمود الذي يعاني من ورم سرطاني في الدماغ هذا الواقع المؤلم "أخبرني الطبيب انه من الممكن اخضاعي للعملية الجراحية في احد المستشفيات اليمنية لكن هناك مخاوف كبيرة من فشلها بسبب ضعف التجهيزات الطبية المساعدة في حين ان اجرائي للعملية في الخارج نسبة نجاحها مضمونة وسيتم تجاوز اي مضاعفات قد تسبب لي الاعاقة أو الشلل ".
وتشير تقديرات طبية أنه يموت سنوياً 25% من حالات مرضى السرطان في اليمن بسبب نقص الخدمات الطبية والعلاجية, في ظل التزايد المستمر في حالات المرضى قد تصل احيانا في اليوم الواحد إلى 40 حالة جديدة من أمراض الأورام في المحافظات اليمنية.
اجراءات سفر مرهقة
ويحلم كثير من المرضى اليمنيين في السفر الى الخارج لتلقي العلاج, لكن الوصول إليه بدا أمراً صعباً في ظل الإجراءات المفروضة عليهم في زمن الحرب, ابتداءً من طوابير انتظار الموافقة على السفر وإصدار الفيزا وانتهاءً بالتكاليف المالية للتذاكر والعلاج.
وقد يتعرض المرضى المحتاجون للإسعاف العاجل للموت جراء الانتظار الطويل للانتهاء من اجراءات سفرهم للعلاج.
وفي هذا الصدد يقول سمير حمود: " بالرغم من إفادة الطبيب بأن الورم الذي أعاني منه سريع الانتشار, وأن علي السفر خلال 14 يوماً كحد أقصى، إلا أن إجراءات السفر تستلزم مني الانتظار لأكثر من شهر إلى أن يعود جواز السفر الخاص بي من جيبوتي, حيث هناك مندوب لليمن لمتابعة اجراءات الدخول إلى الهند, بعد أن غادرت السفارات مقرها باليمن بسبب الحرب والحصار على اليمن".
وفي الوقت الراهن تعد أسعار تذاكر الطيران في اليمن هي الأغلى في العالم, والتي انحصرت فقط على طيران اليمنية, حيث يصل سعر التذكرة الواحدة أحياناً أكثر من 1000$, ناهيك عن صعوبة الحصول على حجز مبكر بسبب الضغط الكبير عليها, ويتابع زياد حديثه:" أصبحت تكاليف تذاكر الطيران تشكل عبئاً إضافياً على المرضى, الكثير منا لا يستطيع الحصول عليها, خاصة في ظل الأوضاع المتدهورة وانقطاع الرواتب ".
معاناة أخرى للمرضى
وبسبب الحصار على اليمن تَغلق المنافذ الجوية أبوابها أمام المسافرين عدا المنافذ الواقعة في مناطق سيطرة الشرعية - مطار عدن وسيئون - و يضطر المرضى في بقية المناطق تكبد مشقة السفر براً للوصول إلى أحد المطارات المفتوحة.
يقول سعيد والد عدنان الذي كان يعاني من الفشل الكلوي:" لم يكن أمام ولدي خياراً سوى السفر براً من صنعاء إلى مطار عدن, كان الطريق طويلاً ويعرقل خط سيرنا العديد من نقاط التفتيش الأمنية سواءً في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية أو القوات الشرعية, ازدادت حالة عدنان الصحية سوءاً في الطريق, لم يتحمل مشقة السفر, مات ولم يصل إلى المطار".