المرأة اليمنية في زمن المليشيا .. مصادرة للحقوق وسجون للتعذيب وطعن بالشرف

  • معد التقرير: قناة بلقيس - غرفة الأخبار
  • 28,يوليو 2019

منذ مشاركتهن الفاعلة في ثورة الحادي عشر من فبراير، أسست النساء اليمنيات مرحلة جديدة من النضال المجتمعي من أجل حقوقهن، وإثبات ذاتهن في المشهد السياسي.

حققن في سبيل ذلك الكثير من المكاسب على طريق تحقيق المساواة الكاملة، والقضاء على التمييز السلبي تجاه المرأة وحقوقها المشروعة، ليخلقن بذلك نموذجا متفردا في المنطقة شكل مصدر إلهام لكل النساء التواقات للحرية، والمناضلات لنيل حقوقهن المشروعة.

 

إلا أنه ومنذ سقوط العاصمة صنعاء بيد "مليشيا الحوثي" في سبتمبر/أيلول 2014، حدث تراجع مخيف في مستوى احترام حقوق الإنسان في اليمن بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص.

 

لم تعد سجون الحوثيين حكراً على الضحايا من الرجال، بينما تقف النساء في الجانب الآخر من بوابة السجن، بل كسرت مليشيا الحوثي هذا الحاجز، فمنذ الانقلاب تعتقل مليشيا الحوثي عشرات النساء في العاصمة صنعاء والحديدة وتعز وغيرها، دون توجيه أي تهمة لهن أو تحويلهن للسلطات القضائية.

 

لم يعد للمرأة اليمنية تلك الحصانة الأخلاقية التي كانت تتمتع بها وبفضلها تساهم في تخفيف آثار الحروب بل وتساهم في حلها أحيانا، فقد زجت مليشيا الحوثي بمئات النساء في السجون وأعلنت أنها تمكنت من تفكيك "28 شبكة دعارة متهمة بارتكاب جرائم الاتجار بالبشر وتعاطي الخمور والمخدرات وارتباطها بدول العدوان".

 

وهكذا، استخدم الحوثيون السلاح الأكثر فتكا في معركتهم مع النساء، فالاتهام بجرائم الدعارة مثَّل ضربة قاضية لكثير من الضحايا وعائلاتهن، وبحسب بيان صادر عن شبكة التضامن النسوي فإن أربع نساء معتقلات لجأن للانتحار في سجون الحوثيين بصنعاء.

وفي تقرير متخصص أصدرته منظمة سام للحقوق والحريات، كشف التقرير الستارَ عن جرائمَ فظيعة ارتكبتها مليشيا الحوثي ضد نساءٍ يمنيات، العديد منهن اعتقلن بسبب مواقفَ أهاليهن السياسية او قرابتهن لموظفين إداريين كانوا في الدولة.

 

بحسب شهادات وردت في التقرير، فسرعان ما يوجه السجانون الحوثيون تهمَ الدعارة للسجينات مستغلين البيئة المغلقة للمجتمع اليمني وعواقب انتشار مثل هذه التهم على أسر تلك النساء.

 

وتلفق مليشيا الحوثي اتهامات كيدية للنساء اللواتي يتم اعتقالهن من المنازل أو اختطافهن من الشوارع، معظمها تتعلق بالتخابر مع دول التحالف العربي ، والعمل مع منظمات خارجية.


ظل هذا الملف قيد الكتمان لعدة أشهر، حتى كشفت أصوات مدنية عن حجم الكارثة المسكوت عنها، ونشر ناشطون معلومات عن ضباط ومشرفين حوثيين مسؤولين عن اعتقال وتعذيب النساء.


وبعد ذلك، أصدرت مليشيا الحوثي فيلما دعائيا بعنوان "خطوط حمراء"، استخدمت فيه اعترافات صورتها لنساء معتقلات تحت التعذيب، وحشدت عددا من الضباط والقضاة، وتحت مسمى مواجهة الحرب الناعمة، دشنت مليشيا الحوثي مرحلة جديدة من قمع المجتمع اليمني وانتهاك حرياته.

 

استغلال النساء


الناطق الرسمي للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إشراق المقطري قالت إن الهدف الحقيقي والرئيسي من وراء اعتقال الحوثيين للنساء هو استغلالهن واستخدامهن كأداة من أدوات الحرب وليس الهدف فقط اسكات النساء المدافعات عن حقوق الإنسان أو النساء العاديات العاملات في القطاع المدني والعام.

 

المقطري أوضحت خلال حديثها لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، أن استغلال النساء من قبل الحوثيين بدأ عبر نقاط أو معابر الحصار التي يمنع فيها عملية الحركة والتنقل للمدنيين والتي تم فيها حصار العديد من المدن، وكانت النساء الأكثر استغلالا في تلك النقاط والمعابر، حيث كان يتم منعهن من الوصول إلى المساعدات وابتزازهن تحت هذا الحق.

 

بدوره؛ رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي قال إن التقرير الذي أصدرته المنظمة والذي حمل عنوان “ماذا بقي لنا؟” وجد تجاوبا على المستويين، سواء على مستوى الضحايا، أو على مستوى المجتمع الدولي، على مستوى الضحايا وصلت الكثير من الرسائل من ضحايا سابقين واسماء ومواقع سجون جديدة وقصص وحالات انتهاك بحق النساء.

 

إحصائيات

 

وفيما يتعلق بالانتهاكات التي طالت النساء من قبل المليشيا وآخر الإحصائيات التي وثقها تحالف رصد ضد النساء، قالت المسؤولة الإعلامية لتحالف رصد بشرى العامري أن تحالف "رصد" وثق منذ سبتمبر 2014 وحتى شهر يوليو الجاري مقتل 815 امرأة، وجرح المئات من النساء، واختطاف وإخفاء 303 امرأة، بينهن 220 مختطفة، منهن 87 ناشطة سياسية، و30 طالبة جامعية، وست ناشطات حقوقيات، وإعلاميتين.

وأضافت العامري إلى أن المليشيا تواصل إخفاء 44 امرأة بشكل قسري، 10 منهن من الأقلية البهائية، وتعرضت 39 امرأة من إجمالي الحالات إلى التعذيب.

 

حيث تصدرت العاصمة صنعاء-وفق العامري- أعلى نسبة للنساء المختطفات والمخفيات والمعذبات، وهناك ما يقارب من 100 امرأة معاقة جراء هذه الممارسات.

 

"ويركز الحوثيين على جزئية التعريض في الشرف في معركتهم ضد المرأة ويمعنون في ذلك كنوع من الإذلال للمرأة، لأنهم يعلمون جيدا أن المرأة اليمنية تحظى بمكانة اجتماعية تحفظ لها كرامتها أمام المجتمع، وبالتالي تعطي رسالة أنه لا يقف أمامها أي رادع لممارسة أي انتهاك، وهذه نوع من رسائل التهديد والترغيب"، بحسب بشرى العامري.