الزواج الخطر.. أعراس تشطرها الجبهات وعرائس في قفص الاتهام

  • معد التقرير: قناة بلقيس - زكريا حزام
  • 18,يونيو 2019

لم يكن يعلم يونس العمراني أن زواجه سيكون في نظر مليشيا الحوثي جريمة، تترتب عليها عواقب جنائية يحقق فيها بالمعتقلات، أو أن الزواج سيأخذ أبعاد سياسية وقانونية متشعبة، ويلقى والده وعمه في سجن مظلم بمحافظة عمران.

بعد عقد قران العمراني من إحدى بنات قريته بدأت المواجهات العسكرية وهرب بنفسه إلى محافظة مأرب للإلتحاق بجيش الشرعية على أمل أن تنتهي الحرب سريعاً ويعود إلى أهله ليكمل مشروع الزواج.

 


اعتقال وتحقيق

 

مرت السنوات وبقيت الأوضاع كما هي فلا الحرب انتهت ولا السلام عاد، وليس بمقدور يونس العودة لبلدته وتحقيق رغبته بالزواج، فاتفق يونس مع أهل العروس على أقامة عرس متواضع في مدينة مأرب، ووافقوا لأنهم يعرفون أن مصيره السجن لو فكر في العودة، أو سيبقى الزواج معلقاً إلى أجل غير مسمى" بحسب احد أقارب يونس لـ " بلقيس " .

 

وأرسلت العروس مع عدد قليل من النساء من أقارب العروسين إلى مأرب، وسط أجواء من السعادة والفرح التي عمت العائلة التي ظنت أن قضيتهم المعلقة قد حلت بلم الشمل.

 

يقول قريب العريس أن وشاية وصلت للحوثيين عن الزواج، فجاءت مجموعة مسلحة، وألقت القبض على آباء العروسين، وحققوا معهم في السجن ساعات طويلة، وعنفوهم لتزويج من يطلقون عليهم بالدواعش والمرتزقة واستمرار علاقتهم وتواصلهم معهم.

 567457456.JPG

ولولا الجهود الكبيرة لوجاهات وعقلاء المنطقة واحتجاج الناس على أساليب العنجهية والإستبداد لما أفرج عنهم بعد أيام من الاحتجاز .

 

اغتراب داخلي

 

لم تخلف الحرب تدمير البنى التحتية وإزهاق الأرواح فقط، بل تركت جروح غائرة وشرخ في العلاقات الاجتماعية، ومزقت روابط إنسانية، وفرقت الأهل في الشتات داخل البلد وخارجه، فكثير من الناس الذين فروا من بطش الحوثيين إلى مأرب ومحافظات أخرى تابعة لسيطرة الحكومة الشريعة لم يتمكنوا من زيارة أقاربهم منذ سنوات، ولم يستطيعوا أن يشاركوا أقاربهم أفراحهم وأحزانهم ومناسباتهم.. بحسب الإعلامي شوقي احمد لـ " بلقيس ".

 

ويرى شوقي أن الزواج بعيدا عن الأسرة ليس سوى عمل اضطراري وحل أخير لجأ له العديد من العرسان الذين هربوا من محافظاتهم، وتركوا اللاتي ارتبطوا بهن خلفهم.

 

وفي شهر أكتوبر من العام الماضي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات التنديد والازدراء من التعامل الفج لنقطة عسكرية تابعة للحوثيين بمدينة رداع بالبيضاء مع عروسين زفهما أهلهما من محافظة حجة لابني عميهما بمحافظة مأرب، وقاموا بحجزهما والتنكيل بهما بحلاقة شعرهما، وتهدديهما بالقتل والتعذيب لو عادتا للسفر مرة أخرى إلى مأرب، واعتبر الحوثيين أن مثل هذا الزواج خيانة، وتواطؤا مع العدوان كما يقولون.

 


حجج واهية

 

تجرع رمزي عضو اللجان الثقافية للحوثيين من الكأس ذاته الذي تسقيه الجماعة للناس، ولم يسلم من الإجراءات الانتقامية في التعامل مع عروسه التي خطبها قبل أن يلتحق والدها بقوات الشرعية بمأرب، فبعد أن وكل أخاه بعقد قرانه لخوفه على نفسه من القبض عليه لو سافر إلى مأرب، استوقفتها إحدى النقاط العسكرية للمليشيا أثناء سفرها مع أخ زوجها إلى صنعاء لإتمام مراسيم الزواج، وأجبرتهما على العودة.

 

وفي اليوم التالي أعادا محاولة العبور بوساطة خال العروس الذي ذهب ببطاقته العسكرية وبطاقة العريس إلى النقطة لتسلم العروس، وإيصالها إلى عريسها بعد يومين من الانتظار .

 

وعلى الرغم من أن رمزي يعتبر هذه الأوقات من أصعب الأوقات التي مرت عليه بسبب القلق والانتظار، إلاأانه يبرر لجماعته هذه الإجراءات، ويقول لـ " بلقيس " إنها إجراءات قانونية، وغياب التنسيق مع النقاط ببلاغات رسمية سبب ما وقعت به زوجته في رحلتها.

 8678567.JPG

وبحسب رمزي فإن على من يرغب في عبور نقاط التماس مع الحوثيين تحرير مذكرة معمدة من المشرفين بمحافظته أو عاقل حارته على الأقل تتضمن سبب الزيارة والمدة الزمنية التي سيقضيها، وإذا حصلت ظروف وأراد أن يزيد المدة فعليه الإتصال بمشرف النقطة وتجديد الفترة.

 

قصص مؤلمة وحزينة كثيرة تحكي الشتات والحنين لأشخاص حرموا من العيش في كنف الأسرة وتفرقوا في الداخل والخارج، لم يحظى بعضهم بنظرة وداع لعزيز رحل عن الدنيا، وهو يحلم بلم شمله مع أحبابه والغائبين عن عينيه.