استهداف أرامكو.. كيف تحولت الحرب مع الحوثي إلى مستقنع لا فكاك منه؟

  • معد التقرير: خاص
  • 17,سبتمبر 2019

هناك حيث يمر نصف النفط الخام السعودي، وحيث تلقت السعودية ضربة موجعة، كانت أرامكو في مرمى النيران.

 

ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها السعودية، لكنها الأقوى، فقد أصبحت الأرض السعودية والمراكز الحيوية في المملكة هدفاً لهجمات مليشيات الحوثي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

يقول الحوثيون إنهم نفذوا عملية واسعة بعشر طائرات مسيرة استهدفت مصفاتي بقيق وخريص شرقي السعودية، لكن بحسب خبراء عسكريين، فإن فرضيات عدة تبرز حول الجهة التي تقف وراء الهجوم وطريقة التنفيذ.

 

روايات متعددة

 

فللأمركيين مثلاً رواية أخرى؛ إذ نشر البيت الأبيض صوراً التقطت بالأقمار الصناعية تعود إلى منشأتي بقيق وخريص النفطيتين في السعودية وقد تعرضتا لأضرار بالغة جراء الهجوم.

 

تقول الرواية الأمريكية إن تسعة عشر موقعاً على الأقل تعرضت لضربات مباشرة عالية الدقة باستخدام صواريخ كروز متوسطة المدى وهو ما ينافي الرواية الحوثية.


تعددت الروايات وكبرت علامات الاستفهام حول كيفية التمكن من الوصول للعمق السعودي، رغم الترسانة العسكرية الهائلة التي تمتلكها السعودية.

 

وسواءٌ كان الاستهداف من طهران أو صنعاء فإن التطورات المتسارعة تؤكد أن قواعد اللعبة تزداد تعقيداً وأن خيوطها انفرطت من يد المملكة.

الضربة لم تهز ثقة العالم بالسعودية كأكبر منتج يعتمد عليه عالميا للنفط، بل وأذلتها عسكرياً، كيف لا والمملكة تعد من أكثر الدول إنفاقاً على التسليح في العالم، تقف في مواجهة أسلحة جيش بدائي وأسلحة تقليدية.

 

الكاتبة الصحفية هديل عويس قالت إن قصف منشأتي أرامكو السعودية أمر خطير جداً، لافتتا إلى أن إيران تسعى لاندلاع شرارة حرب في المنطقة بسبب تضررها من العقوبات والضغوطات الشديدة، بخلاف بقية الدول التي لا تسعى لهذه الحرب.

 

وأضافت عويس، خلال حديثها لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، إلى إن هناك مستوى عالي من التردد الأمريكي في الخوض بأي حرب، خاصة أن السعودية حتى الآن لم تحدد كل تبعات الأمر رسميا، منوهةً إلى أنه وفي حال لم يتبين أن الحوثي هو من قام بهذا الهجوم، ستكون إيران قد قدمت له هذه الهدية مسبقا ليتبناها لتُجدد ولائها وارتباطها لكل "الشباب المغرر بهم الذين استخدمتهم كبندقية للإيجار" وأنها تقف معهم في النهاية.

 

جغرافيا واحدة

 

وحول عدم اتهام التحالف إيران مباشرة بالوقوف وراء الهجوم على مصفاتي أرامكو، قال استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبدالباقي شمسان إلى أن إيران تتعامل مع المنطقة العربية والإسلامية وبعض الدول التي تتواجد فيها إيران كالعراق ولبنان واليمن كجغرافيا إيرانية، بالتالي قد تنطلق العمليات من أي جغرافيا تعتبرها طهران خاضعة لها.

 

مشيرا إلى أن الموقف السعودي مرتبط بأن المعركة مع إيران لم تعد أجندة سعودية أو عربية واسلامية بقدر ما هي أجندة إسرائيلية أمريكية، لافتا إلى أن السعودية الآن في ورطة لأنها ستدفع فاتورة كبيرة جدا تتمثل في الوجود الأمريكي في المواجهة.

 

وحول استراتيجية إيران في المنطقة، قالت عويس إن إيران تملك قوة بشرية تربطها عقيدة واحدة من سوريا إلى العراق إلى لبنان إلى اليمن، وتعمل على بيع الوهم لهذه القوة وغسل ادمغتهم فكريا، بالتالي يجعلها قوية هي واتباعها، بعكس السعودية التي تمتلك المال والسلاح القوي لكنها ظهرت أمام ذلك أضعف بكثير.

 

ووافق شمسان حديث عويس، مشيرا إلى أن إيران تتحرك في إطار استراتيجية واضحة محكمة ودقيقة بعيدة المدى تتمثل في البيئة العقائدية وتحاول أن تلتقط ما يسمى بمظلومية الجماعات الشيعية، بعكس السعودية التي ليس لديها استراتيجية.

 

الخبير العسكري والاستراتيجي مستور الأحمري ربط الهجمات على السعودية وتحديدا على مصادر الطاقة وناقلات النفط بتصريحات إيرانية تهدد بمنع تصدير النفط في حال ما مُنعت إيران من تصدير نفطها، مشيرا إلى أن من قام باستهداف منشأتي أرامكو هم وكلاء إيران في المنطقة ومن ينفذ استراتيجيتها خدمة للحكومة وللمصالح الإيرانية، سواء مليشيا الحوثي أو مليشيات من بلد عربي آخر.

 

وحول تحاش السعودية اتهام إيران في حادثة أرامكو رغم أن واشنطن كشفت عن أن طهران هي وراء الهجوم، أوضح الأحمري أن سياسة السعودية سياسة متأنية تنتظر بموجبها استكمال التحقيقات وظهور النتائج وتحديد المسؤول، وحينها سيكون هناك موقف سعودي، مستبعدا نشوب حرب في المنطقة رغم التوتر في المنطقة.

 

الباحث في العلاقات الدولية علي العبسي توقع أن تكون هناك مواجهة عسكرية في المنطقة لكنها غير مباشرة، موضحا إلى أن السعودية وإيران تتصارعان في ميادين مختلفة عبر وكلاء محليين منذ زمن، مستبعدا مواجهة مباشرة بين إيران والسعودية لأنها ستكون مؤذية لجميع الأطراف وليسوا بحاجة لها.

 

وتطرق العبسي إلى علاقة الإمارات بإيران، مشيرا إلى أن الإمارات نسقت مع إيران للانسحاب من المواجهة المباشرة مع الحوثيين، مشددا على أن العلاقة الإيرانية الإماراتية مهمة لإيران بالقدر الذي تهم الإمارات، بالتالي ليس لإيران أي مصلحة من استهداف الإمارات.