آلاء صلاح.. رمز النضال وأيقونة الثورة السودانية

  • 15,أبريل 2019
  • المصدر: خالد قاسم - الخرطوم
ما أن انتهت من إلقاء خطبتها وقصيدتها النارية العصماء التي ألهبت حماس جموع الثوار المحيطين بها، حتى ذاع صيتها كالنار المضرمة في الهشيم، وانتشرت صورها عبر المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.

آلاء صلاح طالبة الهندسة المعمارية في "جامعة السودان العالمية" ومن على منصحة حسابها بـ "تويتر" قالت: "أردت الصعود إلى ظهر السيارة ومخاطبة الناس، والتحدث ضد العنصرية والقبلية بجميع أشكالها والتي تؤثر على الجميع في كافة مناحي الحياة".

وأضافت "أنا فخورة بالمشاركة وثورتنا لا بد أن تنتصر لأنها ثورة من أجل حقوق شعبنا في الصحة والتعليم والحياة الكريمة"، سيما و "أن النساء يشكلّن حجر الأساس في هذه الانتفاضة"، مشيرة إلى أنها تشارك في التظاهرات والاعتصامات منذ أن بدأت في 19 ديسمبر ردا على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز بثلاثة أضعاف.

آلاء التي لم تكن تتوقع هذا الانتشار الواسع لم يكن أمامها إلا أن تقدمت بشكر الجميع "من أعماق قلبها" مؤكدة أن "الكفاح لتكون السودان ديموقراطية ومزدهرة متواصل، وأردت التحدث نيابة عن الشباب وأن أخرج إلى العلن للقول إن السودان للجميع".

وقالت آلاء صلاح في تصريحات صحفية إن "المرأة السودانية دوما هي فاعلة في المجتمع السوداني وتهتم بقضاياه وتطالب بحق شعبها وحقوقها كامرأة"، وتابعت إن هذا "جزء من تاريخنا، في مملكة مروي القديمة كانت السيدات ملكات ويطلق عليهن اسم –كنداكة- وهو ما يستخدم الآن للنساء في هذا الحراك".
لقبت آلاء صلاح بـ "كنداكة" على الشبكة العنكبوتية، وكانت الأبيات التي هتفت بها تقول "نحن سقينا النيل، بدمنا الفاير.. حبوبتي (أي جدتي) كنداكة" أي الملكة النوبية.

وقد خطفت الأنظار بوقفتها الأيقونية على ظهر سيارة، ملتحفة ثوبا أبيض ذو طابع سوداني تقليدي تظهر خصلة شعرها الأسود وهي تغني وتحفز الحشود، وأقراطها تعكسان أضواء كاميرات الهواتف النقالة المحيطة بها كنجوم في سماء تهدي الطريق للثوار.
 
الكنداكات والميارم
 
وعلى مر تاريخ السودان كان للمرأة السودانية مكانها الفاعل الريادي في الحياة الخاصة والعامة، الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية وبالطبع السياسية، فمنذ التاريخ القديم عرف السودان (الكنداكات) و(الميارم) وهي الألقاب التي سمعها العالم اليوم خلال الثورة السودانية.

وكلمة "كنداكة" في الثقافة السودانية تعني "الملكة العظيمة"، وبعض المؤرخين أعاد أصل الكلمة إلى "كانديس" في الرومانية، بينما البعض الآخر أرجعها إلى كلمة "كدي كي" في لغة مملكة مروي السودانية والتي تعاقبت على حكمها إحدى عشرة كنداكة في السودان الشمالي القديم.
أما كلمة "ميرم" فهي تعني "الأميرة" وكان لقباً يُطلق على ابنة السلطان، زوجته، وأخته، ولـ "الميارم" سجل لا يُغفل في المشاركة السياسية إبان ممالك دارفور بما في ذلك إدارة الحكم وتنفيذ الاعتصامات.

وفي التاريخ النضالي الحديثة للسودانيات خلد التاريخ "مندي بت عجبنا" بطلة السودان من جبال النوبة التي ربطت صغيرها على ظهرها وحملت بندقيتها تقود تعزيزات عسكرية لمواجهة الاستعمار عام 1917.

تقف الميارم والكنداكات اليوم في ساحة اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، جنباً إلى جنب الثوار من الرجال على خط المواجهة الأمامي في وجه الظلم والفساد، فتجدهن تارة يخاطبن الجماهير، وتارة أخرى يصددن هجوم قوات النظام، يعددن الطعام، يطببن الجرحى والمرضى، لقد سطر المرأة السودانية أسطراً من نور في تاريخنا المعاصر.